الاستطاعتين لا يجب عليه الحج في الثانية، لا للتداخل، بل لعدم العلم بسببيتها مطلقا، فليس هنا أسباب حتى تتداخل.
ونظير ذلك من يقول بعدم تكرر الكفارة بتكرر الإفطار في رمضان، فإن معناه: عدم دلالة الدليل على أن مطلق الإفطار سبب. ويجئ لذلك توضيح بعد ذلك - إن شاء الله تعالى -.
وكذا في صورة كون المسببات مختلفة بالنوع، كقوله: (من جامع فليغتسل، ومن وطئ في الحيض فليتصدق بدينار) ضرورة عدم حصول أحد الأمرين بالآخر، والفرض أن كلا منهما أمر موجب للزوم تحصيل الامتثال.
وكذا لو كان المطلوب مع وحدته النوعية معتبرا فيه صفتان متناقضتان قيدا في الخطابين أو في المطلوبين، كقول الشارع: (صل ركعتين وجوبا، وصل ركعتين ندبا) فإن كون الصفتين متناقضتين لا تجتمعان في مورد واحد يمنع من التداخل، وهذا أوضح في المثالية لكون القيد للخطاب.
ولا يقال: إن مجرد تغاير الخطابين لا يمنع من التداخل لو لم يعتبر في أصل الصلاة الوصفان.
لأنا نقول: إن الطلب الوجوبي يحتاج إلى امتثال، ولا يحصل إلا بركعتين هما واجبتان في الواقع، والندبي لا يمتثل به إلا بركعتين مندوبتين، والوصفان لا يجتمعان، فالوصف في الخطاب يسري إلى المطلوب.
ولو قيدهما بالأداء والقضاء كان مأخوذا في المطلوب، إذ الطلب لا يتصف بهما، وإنما البحث في غيرها من الصور الآتية.
الرابعة: أن سبب الحكم المتنازع فيه:
قد يكون أمر الشارع ابتداءا من دون مدخلية شئ آخر من الخارج أو من نفس المكلف مأخوذ في الخطاب، مع عدم تغاير في الخطابين في وجه من الوجوه، كقوله: (صم يوما، صم يوما) مع عدم قرينة على التأكيد.