الفرض عدم الامتثال إلا بواحد، فيلغوا النية.
الثانية: أنه لا ريب أن للشارع أن يصرح بأحد هذه الصور الستة، ولا مانع في شئ من ذلك. أما الثلاثة الأخيرة فلا إشكال فيها.
وأما الأول الثلاث (1) فالأشكال فيها من جهة أن كون الشئ الواحد ثلاثة أشياء محال، والفرض أن كل سبب قاض بلزوم مسبب مستقل، فالواجب على المكلف وضوءات ثلاث، والواحد لا يكون ثلاثا بالبديهة.
وحله أن يقال: إن الشارع يقول: (هذا الواحد منزل منزلة الثلاث في ترتب الآثار كافة) فيجوز إعطاء ما نذر للمتوضئ عن ريح أو بول أو نوم لهذا المتوضئ، وكذلك المنذور لمن اغتسل عن جنابة أو حيض أو لجمعة (2) يعطى لهذه المرأة المغتسلة غسلا واحدا، لأنه (3) امتثل الجميع واغتسل عن الكل.
وإذا لم يكن تصريح الشارع بذلك، بل إنما صرح بأن الواحد كاف، أو مجز، أو لا تأت بالمتعدد، أو ائت بالواحد - ونحو ذلك - فالظاهر منه أي (4) هذه الصور؟
فنقول: لو كان هذه الأسباب مما يشترط قصدها عند الاتحاد، كأسباب الغسل، فإنه لو انفرد الجنابة لا بد للمكلف أن يقصدها، ولا ينفع مجرد الغسل على الإطلاق وإن لم يكن في ذمته غير غسل الجنابة، وكأسباب الحقوق من زكاة أو خمس - أو نحو ذلك - فإن تعيين كون المال المعطى من أي الأقسام لازم على المكلف، فيكون معنى قول الشارع: (الواحد مجز) اعتبار (5) النية جزما، فلا موقع هنا لإطلاق العمل، سواء جعلناه امتثالا للكل، أو إسقاطا للبعض - كما في الوجه الأول والأخير - نظرا إلى أن الواحد مشروعيته على النية، فإذا أتيت به بلا نية فليس واحدا من المسببات، بل هو شئ أجنبي، أو جزء الواحد.