وكذلك نية الواحد المردد، فإنه أيضا خارج عن الآحاد، فتدبر، فإنه كلام تام في المقام، ومعيار ليس عليه غبار.
لكنه هل الظاهر الإسقاط فيلزم نية الواحد المعين، أو الامتثال للمتعدد حتى ينوي الكل؟ والذي يقوى في النظر القاصر أنه إسقاط، إذ الفرض أن السبب سبب، ورخصة الشارع في الاكتفاء بالواحد لا يفهم منها إلا قيام الواحد مقام المتعدد، نظير الواجب الكفائي في المكلف والتخييري في المكلف به، على ما نراه من الوجوب على الكل وفي الكل، غاية الفرق كون السقوط في المقام رخصة.
ولا ينافي ذلك قولنا: بأن الغسل الواحد يجزئ في أصل السنة عن أغسال، إذ نظيره إجزاء (الحمد لله) قبل التشهد عن أذكار كثيرة، وهو منها، بمعنى تأدي أصل السنة بذلك، فمن قال ذلك كمن قال الكل في الثمرة، لا أن كلمة (الحمد لله) اجتمع فيه أذكار كثيرة وأدعية شتى.
فإذا كان الظاهر الإسقاط فمقتضى القاعدة نية الواحدة لتغني عن غيرها ويسقط ما عداها، إلا مع قيام دليل على خلاف ذلك من إجماع ونحوه.
ولو فهم من رواية زرارة مثلا (يجزئها غسل واحد لجمعتها وحيضها وعيدها) (1) - ونحو ذلك - اعتبار قصد ذلك كله، فهو تعبد، والكلام فيما لم يقم دليل على ذلك.
ولو كان مما لا يشترط قصدها مع الاتحاد - كأسباب الوضوء - فقول الشارع مع الاجتماع: (اكتف بالواحد) معناه: الإتيان بصورة العمل المأمور به مرة واحدة، وذلك يسقط المرات الاخر.
ومما ذكرنا تبين: أن مسألة النية للسبب وعدمه ليس لها مدخلية في باب التداخل، بل ما ينوى مع الانفراد ينوى مع الاجتماع، وما لا ينوى هناك لا ينوى