مخرج عنه فيكون كالمؤسس المدعي، ولا ريب أن كلام المثبت في الحجية كالبينة، ولا ريب أن بينة المدعي مقدمة في صورة التعارض، فلا تذهل.
وثانيها: أخذ القدر المشترك بين المعنيين إن كان بينهما قدر مشترك، نفيا لكل من الخصوصيتين بإنكار الاخر وأخذا للقدر المشترك المتيقن من كلاميهما، وإن لم يكن هناك قدر مشترك فيقدم قول المثبت.
وثالثها: العمل على التراجيح المذكورة في باب الأخبار والبينات.
فمنها: التعدد، فيقدم المتعدد على الواحد، والأكثر على الأقل.
ومنها: الضبط، فيقدم الأضبط على غيره.
ومنها: العدالة والوثوق، فإن الأوثق يقدم على غيره.
ومنها: العلم وكثرة التتبع، فيقدم الأعلم على غيره.
ومنها: الشهرة، فيقدم ما هو المشهور بين أهل اللغة.
ونحو ذلك من الامارات الموجبة للترجيح.
ومع فقد التراجيح فالتوقف ورمي اللفظ بالأجمال، لعدم وضوح معناه.
والتحقيق أن يقال: إن الحق - كما قررناه في علم الأصول - أن الرجوع إلى كلمة أهل اللغة في الموضوع المستنبط ليس من باب التعبد المحض كالبينة، بل حجية كلامهم إنما هو للكشف عن الواقع وحصول الظن منهم بذلك.
وحيث إن باب العلم لنا في هذه الموضوعات المشتبهة منسد غالبا فلا بأس بالعمل بالظن، وإنكار جماعة من المقاربين لعصرنا ذلك - بناءا على انفتاح باب العلم في الموضوع المستنبط - غير مسموع، إذ ليس هنا كلام يوجب لنا القطع في شئ من ذلك.
نعم، يمكن القول بأن سد باب العلم فرع عدم إمكان الاستكشاف بالعرف بالامارات (1) المجعولة الكاشفة عن الحقيقة والمجاز، وهو ممكن إلا في نادر من