أن المسبب لا يتداخل لأن السبب لا يتداخل، بل الموافق لطريقة الفن لمن عرف مذاق أهله كون المراد نفس السبب، إذ هذا الأصل جار مجرى الأصول العقلية التي هي من الأدلة للأحكام الشرعية.
فينبغي أن يقال: إن من القواعد الثابتة: أن الأصل عدم تداخل الأسباب، ففي مسألة تكرر الكفارة بتكرر الوطئ - مثلا - في الحيض يتمسك بالأصل وأصالة عدم تداخل المسبب عين المسألة الفرعية وحقيقتها.
وطريقة الأصحاب تأسيس الضوابط الفقهية على نهج الأدلة، كما لا يخفى على من لاحظها. والتداخل حيث يثبت - كما في الأغسال والوضوء - محتمل لأمور:
أحدها: أن يكون الإتيان بالمأمور به بصورته من دون التفات إلى السبب امتثالا للأمر (1) مغنيا عن الجميع، فيكون تداخلا قهريا وإن نوى المكلف حصول البعض دون الاخر.
وثانيها: الصورة بحالها، لكن بشرط عدم نية الأخراج عن الفعل، فلو نوى عدم البعض ينتفي، وما نواه أو سكت عنه يدخل في ذلك.
وثالثها: أن يدور مدار النية، فما نواه يدخل، وما لم ينوه يخرج.
والرابع: أن يكون معناه، أن الإتيان بأحد المسببات يسقط الباقي، لا أنه يمتثل بالجميع في ذلك الواحد، وله صور:
أحدها: أن ينوي واحدا معينا، فيسقط الباقي.
وثانيها: أن ينوي واحدا لا بعينه، ويسقط غيره.
وثالثها: أن ينوي الامتثال للأمر من دون ملاحظة السبب، فيحتسب في نفس الأمر بواحد ويسقط الباقي، ولا يمكن في هذا الفرض قصد الأزيد من الواحد، إذ