وحيث إن ثبوت الحكم للعلة فيكون عنوان الحكم المشتق، لا الذات إذا اتصف.
لا يقال: الماء المتغير بعد زوال تغيره يستصحب نجاسته لاحتمال كون الوصف علة محدثة والمبقية غيره، فكذا فيما تجدد فيه الوصف الموجب للحكم بعد زوال الوصف.
لأنا نقول: فرق بين كون الموضوع (الماء إذا تغير) وبين كونه (المتغير) وعلى الثاني لا يجري فيه الاستصحاب، كما لا يجري في المشرك إذا أسلم. وفرق بين كون الاسم المأخوذ للحكم الذات إذا اتصف بصفة وبين كونه الموصوف المشتق، فلا تذهل.
فإذا كان موضوع الحكم (الحنطة إذا كانت مكيلة) يستصحب حكمها إذا خرجت عن المكيلية، وإذا كان الموضوع (المكيل) لا يستصحب الحكم المتعلق به بعد زوال الوصف، إذ لا موضوع، والحنطة لا دخل له (1) في الحكم بالمرة.
فبقي البحث في المتصف في زمن الشارع إذا زال عنه الوصف في الأزمنة المتأخرة، وفي المتجدد فيه الوصف في زمان متأخر ما دام الوصف مع عدم اتصافه في زمن الشارع، ففي دخولهما تحت الحكم أو خروجهما أو دخول الأول دون الثاني أو بالعكس، وجوه، يعلم وجوهها مما سبق.
والذي يترجح في النظر القاصر الوجه الأخير، للعلية المستفادة من الوصف، ودخول الأول فرع كون الذات موضوع الحكم ولو بهذا العنوان، وهو خلاف ظاهر اللفظ.
وفتوى الأصحاب إن كان إجماعا فهو المعتمد، وإن كان هناك دليل آخر فهو المتبع. وإن جعلنا فتواهم قرينة على إرادة ذلك - كما نتكل عليه في غالب الموار د خلافا للمتأخرين المعرضين عن كلمة أصحابنا المتبحرين - فالأشكال مرتفع، وإلا فلا دليل على شئ من ذلك.