فان قلت: ما تقول في التيمم، فإنه غير معتاد فلم افتقر إلى النية المميزة؟
قلت: ليس التمييز بين العبادة والعادة ما يتمحص شرعية النية لأجلها، بل الركن لأعظم فيها التقرب، فلا بد من قصده في التيمم كغيره، ولان التمييز فيه بالنسبة إلى الفرض والنفل والبدل عن الأصغر والأكبر.
(الثالثة عشر) قضية الأصل وجوب استحضار النية فعلا في كل جزء من أجزاء العبادة لقيام دليل الكل في الاجزاء، فإنها عبادة أيضا، ولكن لما تعذر ذلك في العبادة البعيدة المسافة أو تعسر في القريبة المسافة اكتفى بالاستمرار الحكمي، وفسر بتجديد العزم كلما ذكر، ومنهم من فسره بعدم الاتيان بالمنافي، وقد قلناه في رسالة الحج.
قلت: ذكر في رسالة الحج هكذا: واستدامتها حكما لا فعلا، وفسر بأمر عدمي. وفيه دقيقة كلامية يريد بالامر العدمي هو ما ذكر من عدم الاتيان بالمنافي.
وأما الدقيقة فهي أن الممكن حال بقائه هل هو مفتقر إلى المؤثر أم لا؟ فعلى الثاني - وهو رأي المتكلمين - فسر بالامر العدمي، إذ لا احتياج إلى المؤثر حتى يكون وجوديا، وعلى الأول فسر بالوجودي، وهو تجديد العزم هنا (1).
فلو نوى القطع فإن كان المنوي احراما لم يفسد اجماعا، لان محللاته معلومة، ولأنه لا يبطل بفعل المفسد بأن لا يبطل بنية القطع أحرى. وإن كان صوما ففيه وجهان: من تغليب شبه الفعل أو شبه الترك (عليه). وإن كان صلاة فوجهان مرتبان، وأولى بالبطلان لأنها أفعال محضة، فكان من حقها استصحاب النية فعلا في كل جزء منها، فلا أقل من الاستصحاب الحكمي، وظاهر أن نية القطع تنافي الاستصحاب الحكمي.
ووجه عدم التأثير النظر إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: تحريمها التكبير