تنبيه (1):
ينبغي أن ينوي في الأشياء المحتملة الوجوب كتلاوة القرآن، إذ حفظه واجب على الكفاية. وربما يعين على الحافظ له حذرا من النسيان، وكطلب العلم فإنه فريضة على كل مسلم، وكالامر بالمعروف وان قام غيره مقامه. وبالجملة فروض الكفايات كلها.
وتجب نية الوجوب حيث يتعين عليه، وفي ترك الحرام ينوي الوجوب وفي فعل المستحب وترك المكروه ينوي الندب. والله الموفق.
(الرابعة والعشرون) لما كانت الافعال تقع على وجوه واعتبارات أمكن أن يكون الفعل الواحد واجبا وندبا وحراما ومباحا على البدل، وإنما يتخصص ذلك بالنية، كضربة اليتيم فإنها تجب في تعزيره وتستحب في تأديبه وتحرم لاهانته، وكالاكل فإنه مباح بالنظر إلى ماهيته ومستحب أو واجب أحيانا.
وكالتطيب والجماع فإنهما من حظوظ النفس، وقد ورد في فضائل الأعمال لهما ثواب كثير، ما ذاك الا بحسب النية، فلا يقصد المباضع والمتطيب بذلك ابقاء حظ النفس بل حق الله في ذلك. ولا فرق في حظ النفس أن يقصد بذلك مجرد اللذة والتنعم أو اظهار التجمل بالطيب واللباس للتفاخر والرياء واستجلاب المعاملين، بل إذا تطيبت لغير الزوج فعلت حراما فاحشا، وكذلك إذا خرجت متطيبة للتعرض للفجور أو مقدماته، أو قصد الرجل بذلك التردد إلى النساء المحرمات، فكل ما فيه حظ النفس يتصور فيه الأحكام الخمسة غالبا ولا ينصرف إلى أحدها الا بالنية.
ومن الخسران المبين أن يجعل المباح حراما فكيف الواجب والمستحب،