لأنه تمليك الانتفاع، بخلاف ما إذا أطلق. ولو شككنا في تناول اللفظ للمنفعة لم يدخل الا بقرينة عادية أو حالية.
أما السكنى والعمرى فلا يتصور فيهما تملك المنفعة بل تملك الانتفاع، فليس له أن يسكن غيره. بخلاف الوصية بالمنفعة، كما لو أوصى له بمنفعة الدار فلو أوصى له أن يسكن الدار فهو تمليك الانتفاع أيضا، ويجوز أن يسكن بالمسكن معه من جرت العادة به قضية للعرف وان يدخل إليه ضيفا وصديقا لمصلحته.
وكذا الكلام في بيوت المدارس والربط إنما تستعمل فيما وقفت له ولا يجوز استعمالها في خزن أو ايداع متاع الا مع قصر الزمان أو ما جرت العادة به، وكذا لا يستعمل حصر المسجد في غيره ولا فيه في الغطاء مثلا، لأنها لم توضع لتملك العين ولا المنفعة بل للانتفاع على الوجه المخصوص.
قاعدة:
حرم الأصحاب الأجرة على القضاء والاذان والإقامة وجوزوا الرزق من بيت المال، فيسأل عن الفرق بينهما وكلاهما عوض عن تلك الأفعال، فيقال في الجواب:
ان الرزق احسان ومعروف وإعانة من الامام على قيام المصلحة عامة، وليس فيه معاوضة. ويفارق الإجارة بأن الارتزاق جائز والإجارة لازم، وبأنه يجوز زيادته ونقيصته بحسب المصلحة بخلاف الإجارة، ويجوز أيضا نغير جنسه وتبديله بخلاف مال الإجارة، وبأنه يصرف في الأهم من المصالح فالأهم، ولان مال الإجارة يورث بخلاف الرزق.
ولو قيل بأنه معاوضة منهم للمسلمين أمكن، لان العمل للمسلمين فالعوض منهم. وإنما لم يجعل إجارة ابقاءا لها على الجواز واقتداء بالسلف.