فهو سلب، لا ما يخفى من جواهر أو دراهم أو نحوها، والظاهر من حديث الباب المؤكد بلفظ أجمع أنه يقال لكل شئ وجد مع المقتول وقت القتل سلب، سواء كان مما يظهر أو يخفى، واختلفوا هل يدخل الامام في العموم إذا قال: من قتل قتيلا فله سلبه؟ فذهب أبو حنيفة والهادوية إلى الأول لعموم اللفظ، إلا لقرينة مخصصة نحو أن يقول: من قتل منكم، وذهب الشافعي والمؤيد بالله في قول له إنه لا يدخل، ومرجع هذا إلى المسألة المعروفة في الأصول وهي: هل يدخل المخاطب في خطاب نفسه أم لا؟ وفي ذلك خلاف معروف.
وعن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: بينا أنا واقف في الصف يوم بدر نظرت عن يميني فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت لو كنت بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قال، قلت: نعم وما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، قال: فعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال مثلها، فلم أنشب أنظرت إلى أبي جهل يزول في الناس فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، قال: فابتدراه بسيفهما حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبراه فقال: أيكما قتله؟ فقال كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال: هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا، فنظر في السيفين فقال: كلاكما قتله، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح، والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ ابن عفراء متفق عليه. وعن ابن مسعود قال: نفلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر سيف أبي جهل كان قتله رواه أبو داود، ولأحمد معناه، وإنما أدرك ابن مسعود أبا جهل وبه رمق فأجهز عليه، روى معنى ذلك أبو داود وغيره.
حديث ابن مسعود هو من رواية ابنه أبي عبيدة عنه ولم يسمع منه كما تقدم غير مرة. ولفظ مسند أحمد الذي أشار إليه المصنف عن أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود أنه وجد أبا جهل يوم بدر وقد ضربت رجله وهو صريع يذب الناس عنه بسيف له فأخذه عبد الله بن مسعود فقتله به فنفله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسلبه. قوله: حديثة أسنانهما بالجر صفة لغلامين وأسنانهما