فليس هذا موضع إذا، لأنها حرف جزاء، ومقتضى الجزاء أن لا يذكر لا في قوله لا يعمد، بل كانوا يقولون إذا يعمد إلى أسد الخ ليصح جوابا لطالب السلب. قال : والحديث صحيح والمعنى صحيح وهو كقولك لمن قال لك افعل كذا فقلت له:
والله إذا لا أفعل، فالتقدير والله إذا لا يعمد إلى أسد، قال: ويحتمل أن تكون إذا زائدة كما قال أبو البقاء إنها زائدة في قول الحماسي: إذا لقام بنصري معشر خشن.
في جواب قوله: لو كنت من مازن لم تستبح إبلي. قال: والعجب ممن يعتني بشرح الحديث ويقدم نقل بعض الأدباء على أئمة الحديث وجها بذاته وينسبون إليهم الغلط والتصحيف، ولا أقول إن جهابذة المحدثين أعدل وأتقن في النقل، إذ يقتضي المشاركة بينهم، بل أقول: لا يجوز العدول عنهم في النقل إلى غيرهم، وقد سبقه إلى مثل ذلك القرطبي في المفهم فإنه قال: وقع في رواية في مسلم لاها الله ذا بغير ألف ولا تنوين وهو الذي جزم به من ذكرناه، يعني من قدم النقل عنه من أئمة العربية، قال: والذي يظهر لي أن الرواية المشهورة صواب وليست بخطأ، وذلك أن هذا الكلام وقع على جواب إحدى الكلمتين للأخرى، والهاء هي التي عوض بها عن واو القسم، وذلك أن العرب تقول في القسم: الله لأفعلن بمد الهمزة وبقصرها، فكأنهم عوضوا عن الهمزة هاء فقالوا: ها الله لتقارب مخرجهما، وكذلك قالوا: ها بالمد والقصر، وتحقيقه أن الذي مدمع الهاء كأنه نطق بهمزتين أبدل من إحداهما ألفا استثقالا لاجتماعهما كما يقول الله، والذي قصر كأنه نطق بهمزة واحدة كما يقول الله. وأما إذا فهي بلا شك حرف جواب وتعليل وهي مثل التي وقعت في قوله صلى الله عليه وآله وسلم وقد سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال: أينقص الرطب إذا جف، قالوا نعم، قال: فلا إذا قال فلا والله إذا لكان مساويا لما وقع هنا وهو لاها الله إذا من كل وجه، لكنه لم يحتج هنا إلى القسم فتركه، قال: فقد وضح تقرير الكلام ومناسبته واستقامته معنى ووضعا من غير حاجة إلى تكلف بعيد يخرج عن البلاغة ولا سيما من ارتكب أبعد وأفسد فجعل الهاء للتنبيه وذا للإشارة وفصل بينهما بالمقسم به، قال: وليس هذا قياسا فيطرد، ولا فصيحا فيحمل عليه الكلام النبوي، ولا مرويا برواية ثابتة ، قال: وما وجد للعذري وغيره في مسلم فإصلاح ممن اغتر بما حكي عن أهل العربية والحق أحق أن يتبع. قال في الفتح: قال أبو جعفر الغرناطي في حاشية نسخته