عليه وآله وسلم رايات الأنصار وجعلهن صفرا وعن أنس عند النسائي أن ابن أم مكتوم كانت معه راية سوداء في بعض مشاهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال المنذري: وهو حديث حسن. وقال ابن القطان: صحيح. وعن أبي هريرة عند ابن عد، وعن بريدة عند أبي يعلى. وعن أنس حديث آخر عند أبي يعلى رفعه: أن الله أكرم أمتي بالألوية وإسناده ضعيف. وعن ابن عباس غير ما تقدم عند أبي الشيخ بلفظ: كان مكتوبا على راية النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا إله إلا الله محمد رسول الله وسنده ضعيف أيضا. قوله: خير الصحابة أربعة فيه دليل على أن خير الصحابة أربعة أنفار، وظاهره أن ما دون الأربعة من الصحابة موجود فيها أصل الخير من غير فرق بين السفر والحضر، ولكنه قد أخرج أهل السنن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب وصحح الحاكم وابن خزيمة. وأخرجه أيضا الحاكم من حديث أبي هريرة وصححه. وظاهره أما دون الثلاثة عصاة لأن معنى قوله شيطان أي عاص. وقال الطبري: هذا الزجر زجر أدب وإرشاد لما يخشى على الواحد من الوحشة والوحدة وليس بحرام، فالسائر وحده في فلاة وكذا البائت في بيت وحده لا يأمن من الاستيحاش، لا سيما إذا كان ذا فكرة رديئة وقلب ضعيف، والحق أن الناس يتباينون في ذلك، فيحتمل أن يكون الزجر عنه لحسم المادة فلا يتناول ما إذا وقعت الحاجة لذلك. وقيل في تفسير قوله: الراكب شيطان أي سفره وحده يحمله عليه الشيطان أو أشبه الشيطان في فعله. وقيل: إنما كره ذلك لأن الواحد لو مات في سفره ذلك لم يجد من يقوم عليه، وكذلك الاثنان إذا ماتا أو أحدهما لم يجد الآخر من يعينه، بخلاف الثلاثة ففي الغالب تؤمن الوحشة والخشية. وفي صحيح البخاري عن ابن عمر: لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده. وقد ثبت في الصحيح أن الزبير انتدب وحده ليأتي النبي بخبر بني قريظة. قال ابن المنير: السير لمصلحة الحرب أخص من السفر، فيجوز السفر للمنفرد للضرورة والمصلحة التي لا تنتظم إلا بالافراد كإرسال الجاسوس والطليعة، والكراهة لما عدا ذلك. ويحتمل أن تكون حالة الجواز مقيدة بالحاجة عند الامن، وحالة المنع مقيدة بالخوف حيث لا ضرورة. وقد وقع في كتب المغازي بعث جماعة منفردين منهم حذيفة ونعيم بن مسعود وعبد الله بن أنيس وخوات بن جبير وعمرو
(٦٠)