كان من أسباب الاستكثار منها والرغوب فيها. وأما اختيال الرجل في الفخر فنحو أن يذكر ما له من الحسب والنسب وكثرة المال والجاه والشجاعة والكرم لمجرد الافتخار ثم يحصل منه الاختيال عند ذلك، فإن هذا الاختيال مما يبغضه الله تعالى، لأن الافتخار في الأصل مذموم والاختيال مذموم، فينضم قبيح إلى قبيح، وكذلك الاختيال في البغي نحو أن يذكر الرجل أنه قتل فلانا وأخذ ماله ظلما، أو يصدر منه الاختيال حال البغي على مال الرجل أو نفسه، فإن هذا يبغضه الله، لأن فيه انضمام قبيح إلى قبيح كما سلف.
باب الكف وقت الإغارة عمن عنده شعار الاسلام عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا غزا قوما لم يغز حتى يصبح، فإذا سمع أذانا أمسك وإذا لم يسمع أذانا أغار بعدما يصبح رواه أحمد والبخاري. وفي رواية: كان يغير إذا طلع الفجر وكان يستمع الاذان، فإذا سمع أذانا أمسك وإلا أغار، وسمع رجلا يقول: الله أكبر الله أكبر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الفطرة، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: خرجت من النار رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه. وعن عصام المزني قال: كالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا بعث السرية يقول: إذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مناديا فلا تقتلوا أحدا رواه الخمسة إلا النسائي.
حديث عصام قال الترمذي بعد إخراجه: هذا حديث حسن غريب وهو من رواية ابن عصام عن أبيه قيل اسمه عبد الله. وقيل اسمه عبد الرحمن، قال في التقريب:
لا يعرف. قوله: وإذا لم يسمع أذانا أغار فيه دليل على جواز قتال من بلغته الدعوة بغير دعوة، ويجمع بينه وبين متقدم في باب الدعوة قبل القتال بأن يقال: الدعوة مستحبة لا شرط، هكذا في الفتح. وقد قدمنا الخلاف في ذلك، وما ذكره الإمام المهدي من أن وجوب تقديم الدعوة مجمع عليه والاعتراض عليه، وفي هذا الحديث الذي بعده دليل على جواز الحكم بالدليل لكونه صلى الله عليه وآله وسلم كف عن القتال