المال الذي وقعت عليه المصالحة هو في الحقيقة جزية، ولكن ما كان مأخوذا على هذه الصفة يختص بذوي الشوكة، فيؤخذ ذلك المقدار من أموالهم ولا يضربه الامام على رؤوسهم. قوله: إن كان باليمن كيد ذات غدر إنما أنث الكيد هنا، لأنه أراد به الحرب، ولفظ الجامع كيد إذا بغدر. وفي الارشاد: كيد أو غدر، وهكذا لفظ أبي داود. قوله : ولا يخرج لهم قس بفتح القاف وتشديد المهملة بعدها قال في القاموس: هو رئيس النصارى في العلم. قوله: أو يأكلوا الربا زاد أبو داود: قال إسماعيل قد أكلوا الربا.
وعن ابن شهاب قال: أول من أعطى الجزية من أهل الكتاب أهل نجران وكانوا نصارى رواه أبو عبيد في الأموال. وعن ابن عباس قال: كانت المرأة تكون مقلاة فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا: لا ندع أبناءنا، فأنزل الله عز وجل: * (لا إكراه في الدين) * (البقرة: 256) رواه أبو داود، وهو دليل على أن الوثني إذا تهود يقر ويكون كغيره من أهل الكتاب. وعن ابن أبي نجيح قال: قلت لمجاهد: ما شأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير وأهل اليمن عليهم دينار؟ قال: جعل ذلك من قبيل اليسار أخرجه البخاري.
حديث ابن شهاب مرسل. وحديث ابن عباس أخرجه أيضا النسائي، وقد رواه أبو داود من ثلاث طرق والنسائي من طريقين وجميع رجاله لا مطعن فيهم.
قوله: مقلاة بكسر الميم وسكون القاف قال في مختصر النهاية: هي المرأة التي لا يعيش لها ولد. قوله: فأنزل الله عز وجل: * (لا إكراه في الدين) * فيه دليل على أنه إذا اختار الوثني الدخول في اليهودية أو النصرانية جاز تقريره على ذلك بشرط أن يلتزم بما وضعه المسلمون على أهل الذمة. قوله: ما شأن أهل الشام الخ، أشار بهذا الأثر إلى جواز التفاوت في الجزية، وأقل الجزية عند الجمهور دينار في كل سنة من كل حالم لحديث معاذ المتقدم وما ورد في معناه، وظاهره المساواة بين الغني والفقير، وخصته الحنفية بالفقير، قالوا: وأما المتوسل فعليه ديناران وعلى الغني أربعة، وهو موافق لأثر مجاهد المذكور، وعند الشافعية أن للامام أن يماكس حتى يأخذها منهم، وبه قال أحمد. وحكي في البحر عن الهادي والقاسم والمؤيد بالله وأبي حنيفة وأصحابه أنها تكون من الفقير اثنتي عشرة قفلة، ومن الغني ثمانيا وأربعين، ومن المتوسط أربعا وعشرين، وتمسكوا بما رواه أبو عبيد من طريق أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب