أصحابنا لكراهة فداء المشركين بالمال بقوله تعالى: * (لولا كتاب من الله سبق) * (الأنفال: 68) الآية، ولا حجة لهم في ذلك، لأنه كان قبل حل الغنيمة كما قدمنا عن ابن عباس.
والحاصل أن القرآن والسنة قاضيان بما ذهب إليه الجمهور، فإنه قد وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم المن وأخو الفداء كما في أحاديث الباب ووقع منه القتل، فإنه قتل النضر بن الحرث وعقبة بن أبي معيط وغيرهما، ووقع منه فداء رجلين من المسلمين برجل من المشركين كما في حديث عمران بن حصين، قال الترمذي بعد أن ساق حديث عمران بن حصين المذكور: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيرهم أن للامام أن يمن على من شاء من الأسارى، ويقتل من شاء منهم، ويفدي من شاء، واختار بعض أهل العلم القتل على الفداء، قال: قال الأوزاعي: بلغني أن هذه الآية منسوخة يعني قوله: * (فإما منا بعد وإما فداء) * (محمد: 4) نسخها قوله: * (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) * (البقرة: 191) حدثنا بذلك هناد، أخبرنا ابن المبارك عن الأوزاعي قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: إذا أسر الأسير يقتل أو يفادي أحب إليك؟ قال: إن قدر أن يفادي فليس به بأس، وإن قتل فما أعلم به بأسا، قال إسحاق بن إبراهيم:
الاثخان أحب إلي إلا أن يكون معروفا طمع به الكثير انتهى. وقد ذهب إلى جواز فك الأسير من الكفار بالأسير من المسلمين جمهور أهل العلم، لحديث عمران بن حصين المذكور.
باب أن الأسير إذا أسلم لم يزل ملك المسلمين عنه عن عمران بن حصين قال: كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلا من بني عقيل وأصابوا معه العضباء، فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في الوثاق فقال: يا محمد، فأتاه فقال: ما شأنك؟
فقال: بما أخذتني وأخذت سابقة الحاج يعني العضباء؟ فقال: أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف ثم انصرف، فناداه فقال: يا محمد يا محمد، فقال: ما شأنك؟ قال: إني مسلم، قال: لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح ثم انصرف عنه، فناداه: يا محمد يا محمد، فأتاه