ومسلم. قوله: ورى أي ستر، ويستعمل في إظهار شئ مع إرادة غيره، وأصله من الورى بفتح الواو وسكون الراء هو ما يجعل وراء الانسان لأن من ورى بشئ كأنه جعله وراءه. وقيل هو في الحرب أخذ العدو على غرة. وقيده السيرافي في شرح كتاب سيبويه بالهمزة قال: وأصحاب الحديث لم يضبطوا فيه الهمزة فكأنهم سهلوها. قوله:
خدعة بفتح الخاء المعجمة وضمها مع سكون الدال المهملة وبضم أوله وفتح ثانيه قال النووي: اتفقوا على أن الأولى أفصح، وبذلك جزم أبو ذر الهروي والقزاز.
والثانية ضبطت كذلك في رواية الأصيلي ورجح ثعلب الأولى وقال: بلغنا بها والنبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال أبو بكر بن طلحة: أراد ثعلب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يستعمل هذه البنية كثيرا لوجازة لفظها ولكونها تعطي معنى البنيتين الآخرتين، قال: ويعطي معناهما أيضا الامر باستعمال الحيلة مهما أمكن ولو مرة، قال:
فكانت مع اختصارها كثيرة المعنى. ومعنى خدعة بالاسكان أنها تخدع أهلها من وصف الفاعل باسم المصدر أو من وصف المفعول، كما يقال: هذا الدرهم ضرب الأمير أي مضروبه. وقال الخطابي: معناه أنها مرة واحدة أي إذا خدع مرة واحدة لم تقل عثرته ، وقيل: الحكمة في الاتيان بالتاء للدلالة على الوحدة، فإن الخداع إن كان من المسلمين فكأنه حضهم على ذلك ولو مرة واحدة، وإن كان من الكفار فكأنه حذرهم من مكرهم ولو وقع مرة واحدة، فلا ينبغي التهاون بهم لما ينشأ عنه من المفسدة ولو قل . وفي اللغة الثالثة صيغة المبالغة كهمزة ولمزة. وحكى المنذري لغة رابعة بالفتح فيهما قال: وهو جمع خادع أي أن أهلها بهذه الصفة فكأنه قال: أهل الحرب خدعة. وحكى مكي ومحمد بن عبد الله الواحد لغة خامسة كسر أوله مع الاسكان وأصله إظهار أمر وإضمار خلافه، وفيه التحريض على أخذ الحذر في الحرب والندب إلى خداع الكفار، وإن من لم يتيقظ لم يأمن أن ينعكس الامر عليه. قال النووي: واتفقوا على جواز خداع الكفار في الحرب كيف ما أمكن إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يجوز. قال ابن العربي: الخداع في الحرب يقع بالتعريض وبالكمين ونحو ذلك. وفي الحديث الإشارة إلى استعمال الرأي في الحرب، بل الاحتياج إليه آكد من الشجاعة.
قال ابن المنير: معنى الحرب خدعة أي الحرب الجيدة لصاحبها الكاملة في مقصودها إنما هي المخادعة لا المواجهة، وذلك لخطر المواجهة، ولحصول الظفر مع المخادعة بغير