وسوغ لهم ذلك، لأنه كان زمان وقوع النسخ. ويحتمل أن يكون أهمتهم صورة الحال فاستغرقوا في الفكر لما لحقهم من الذل عند أنفسهم مع ظهور قوتهم واقتدارهم في اعتقادهم على بلوغ غرضهم وقضاء نسكهم بالقهر والغلبة، أو أخروا الامتثال لاعتقادهم أن الامر المطلق لا يقتضي الفور. قال الحافظ: ويحتمل مجموع هذه الأمور لمجموعهم. قوله: فذكر لها ما لقي من الناس فيه دليل على فضل المشورة، وأن الفعل إذا انضم إلى القول كان أبلغ من القول المجرد، وليس فيه أن الفعل مطلقا أبلغ من القول، نعم فيه أن الاقتداء بالافعال أكثر منه بالأقوال وهذا معلوم مشاهد. وفيه دليل على فضل أم سلمة ووفور عقلها حتى قال إمام الحرمين:
لا نعلم امرأة أشارت برأي فأصابت إلا أم سلمة، وتعقب بإشارة بنت شعيب على أبيها في أمر موسى. ونظير هذه القصة ما وقع في غزوة الفتح فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرهم بالفطر في رمضان فلما استمروا على الامتناع تناول القدح فشرب فلما رأوه يشرب شربوا. قوله: نحر بدنه زاد ابن إسحاق عن ابن عباس أنها كانت سبعين بدنة كان فيها جمل لأبي جهل في رأسه برة من فضة ليغيظ به المشركين، وكان غنمه منه في غزوة بدر. قوله: ودعا حالقه قال ابن إسحاق:
بلغني أن الذي حلقه في ذلك اليوم هو خراش بمعجمتين ابن أمية بن الفضل الخزاعي.
قوله: فجاءه أبو بصير بفتح الموحدة وكسر المهملة اسمه عتبة بضم المهملة وسكون الفوقية ابن أسيد بفتح الهمزة وكسر المهملة ابن جارية بالجيم الثقفي حليف بني زهرة، كذا قال ابن إسحاق وبهذا يعرف أن قوله في حديث الباب رجل من قريش أي بالحلف، لأن بني زهرة من قريش. قوله: فأرسلوا في طلبه رجلين سماهما ابن سعد في الطبقات خنيس بمعجمة ونون وآخره مهملة مصغرا ابن جابر ومولى له يقال له كوير. وفي رواية للبخاري أن الأخنس بن شريق هو الذي أرسل في طلبه، زاد ابن إسحاق: فكتب الأخنس بن شريق والأزهر بن عبد عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتابا وبعثا به مع مولى لهما ورجل من بني عامر استأجراه اه. قال الحافظ: والأخنس من ثقيف رهط أبي بصير، وأزهر من بني زهرة حلفاء أبي بصير، فلكل منهما المطالبة برده، ويستفاد منه أن المطالبة بالرد تختص بمن كان من عشيرة المطلوب بالأصالة أو الحلف، وقيل: إن اسم أحد