وإنما هي في مستخرج البرقاني من طريق حماد بن سلمة. وكذلك أخرج هذا الحديث بلفظ البرقاني أبو يعلى في مسنده، والبغوي في فوائده، ولعل الحميدي ذهل عن عز وهذا الحديث إلى البرقاني وعزاه إلى البخاري فتبعه المصنف في ذلك، وقد نبه الإسماعيلي على أن حمادا كان يطوله تارة ويرويه تارة مختصرا، وقد قدمنا الكلام على بعض فوائد هذا الحديث في المزارعة. قوله: فلا تصيبوا منهم فوق ذلك فإنه لا يصلح فيه دليل على أنه لا يجوز للمسلمين بعد وقوع الصلح بينهم وبين الكفار على شئ أن يطلبوا منهم زيادة عليه، فإن ذلك من ترك الوفاء بالعهد ونقض العقد وهما محرمان بنص القرآن والسنة.
باب ما جاء فيمن سار نحو العدو في آخر مدة الصلح بغتة عن سليمان بن عامر قال: كان معاوية يسير بأرض الروم وكان بينه وبينهم أمد، فأراد أن يدنو منهم فإذا انقضى الأمد غزاهم، فإذا شيخ على دابة يقول:
الله أكبر الله أكبر وفاء لا غدر، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة ولا يشدنها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم عهدهم على سواء، فبلغ ذلك معاوية فرجع، فإذا الشيخ عمرو بن عبسة رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.
الحديث أخرجه أيضا النسائي، وقال الترمذي بعد إخراجه: حسن صحيح.
قوله: وكان بينه وبينهم أمد الخ، لفظ أبي داود: كان بين معاوية وبين الروم عهد، وكان يسير نحو بلادهم حتى إذا انقضى العهد غزاهم فجاء رجل على فرس أو برذون. قوله:
وفاء لا غدر أي أن الله سبحانه وتعالى شرع لعباده الوفاء بالعقود والعهود ولم يشرع لهم الغدر، فكان شرعه الوفاء لا الغدر. قوله: فلا يحلن عقدة استعار عقدة الحبل لما يقع بين المسلمين من المعاهدة، ونهى عن حلها أي نقضها وشدها أي تأكيدها بشئ لم يقع التصالح عليه، بل الواجب الوفاء بها على الصفة التي كان وقوعها عليها بلا زيادة ولا نقصان. قوله: أو ينبذ إليهم عهدهم على سواء النبذ في أصل اللغة الطرح، قال في القاموس: النبذ طرحك الشئ أمامك أو وراءك أو عام انتهى. والمراد هنا