يربيه. قول: جمعاء بفتح الجيم وسكون الميم بعدها عين مهملة، قال في القاموس: والجمعاء الناقة المهزولة، ومن البهائم التي لم يذهب من بدنها شئ انتهى. والمراد ههنا المعنى الآخر.
لقوله: هل تحسون فيها من جدعاء. والجدع قطع الأنف أو الاذن أو اليد أو الشفة كما في القاموس. قال: والجدعة محركة ما بقي بعد القطع انتهى. والمعنى: أن البهائم كما أنها تولد سليمة من الجدع كاملة الخلقة، وإنما يحدث لها نقصان الخلقة بعد الولادة بالجدع، ونحوه كذلك أولاد الكفار يولدون على الدين الحق الكامل، وما يعرض لهم من التلبس بالأديان المخالفة له فإنما هو حادث له بعد الولادة بسبب الأبوين ومن يقوم مقامهما. وحديث أبي هريرة فيه دليل على أن أولاد الكفار يحكم لهم عند الولادة بالاسلام، وأنه إذا وجد الصبي في دار الاسلام دون أبويه كان مسلما، لأنه إنما صار يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا بسبب أبويه، فإذا عدما فهو باق على ما ولد عليه وهو الاسلام. قوله: الله أعلم بما كانوا عاملين فيه دليل على أن أحكام أولاد الكفار عند الله إذا ماتوا صغارا غير متعينة، بل منوطة بعمله الذي كان يعمله لو عاش. وفي حديث ابن مسعود المذكور دليل على أنهم من أهل النار لقوله فيه:
النار لهم ولأبيهم ويشكل ذلك على مذهب العدلية لعدم وقوع موجب التعذيب منهم. (والحاصل) أن مسألة أطفال الكفار باعتبار أمر الآخرة من المعارك الشديدة لاختلاف الأحاديث فيها، ولها ذيول مطولة لا يتسع لهم المقام، وفي الوقف عن الجزم بأحد الامرين سلامة من الوقوع في مضيق لم تدع إليه حاجة ولا ألجأت إليه ضرورة، وأما باعتبار أحكام الدنيا فقد ثبت في صحيح البخاري في باب أهل الدار من كتاب الجهاد: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن أولاد المشركين هل يقتلون مع آبائهم؟ فقال: هم منهم. قال في الفتح: أي في الحكم في تلك الحالة، وليس المراد إباحة قتلهم بطريق القصد إليهم، بل المراد إذا لم يمكن الوصول إلى الآباء إلا بوطئ الذرية، فإذا أصيبوا لاختلاطهم بهم جاز قتلهم انتهى. وأخرج أبو داود: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما بعث إلى ابن أبي الحقيق نهى عن قتل النساء والصبيان ويحمل هذا على أنه لا يجوز قتلهم بطريق القصد. وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر قال: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة أتي بامرأة مقتولة فقال: ما كانت هذه تقاتل، ونهى عن قتل النساء