دعوى، فإنه أمر لا يعرف بالفعل وإنما طريقه النقل، وليس فيه أمر يعول عليه، وكأنه لم يستحضره من صحيح مسلم، ثم قال: وعلى تقدير كون الضب ممسوخا فذلك لا يقتضي تحريم أكله، لأن كونه آدميا قد زال حكمه ولم يبق له أثر أصلا، وإنما كره النبي صلى الله عليه وآله وسلم الاكل منه لما وقع عليه من سخط الله، كما كره الشرب من مياه ثمود اه. ولا منافاة بين كونه صلى الله عليه وآله وسلم عاف الضب وبين ما ثبت أنه كان لا يعيب الطعام، لأن عدم العيب إنما هو فيما صنعه الآدمي لئلا ينكسر خاطره وينسب إلى التقصير فيه، وأما الذي خلق ذلك فليس نفور الطبع منه ممتنعا.
باب ما جاء في الضبع والأرنب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمارة قال: قلت لجابر الضبع أصيد هي؟ قال:
نعم، قلت: آكلها؟ قال: نعم، قلت: آكلها؟ قال: نعم، قلت: أقاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال:
نعم رواه الخمسة وصححه الترمذي. ولفظ أبي داود عن جابر: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الضبع فقال: هي صيد ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم. وعن أنس قال: أنفجنا أرنبا بمر الظهران فسعى القوم فلغبوا وأدركتها فأخذتها فأتيت بها أبا طلحة فذبحها وبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوركها وفخذها فقبله رواه الجماعة. ولفظ أبي داود: صدت أرنبا فشويتها، فبعث معي أبو طلحة بعجزها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتيته بها. وعن أبي هريرة قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأرنب قد شواها ومعها صنابها وأدمها فوضعها بين يديه فأمسك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يأكل وأمر أصحابه أن يأكلوا رواه أحمد والنسائي. وعن محمد بن صفوان: أنه صاد أرنبين فذبحهما بمروتين فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأمره بأكلهما رواه أحمد والنسائي وابن ماجة.
حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمارة أخرجه أيضا الشافعي والبيهقي وصححه أيضا البخاري وابن حبان وابن خزيمة والبيهقي، وأعله ابن عبد البر