عليه وآله وسلم فقالوا: السام عليك، قالت عائشة: ففهمتها فقلت: عليكم السام واللعنة، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الامر كله، فقلت: يا رسول الله ألم تسمع ما قالوا؟ فقال قد قلت: وعليكم متفق عليه. وفي لفظ: عليكم أخرجها. وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني راكب غدا اليهود فلا تبدؤوهم بالسلام، وإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم رواه أحمد.
قوله: لا تبدؤوا اليهود الخ، فيه تحريم ابتداء اليهود والنصارى بالسلام، وقد حكاه النووي عن عامة السلف وأكثر العلماء. قال: وذهبت طائفة إلى جواز ابتدائنا لهم بالسلام، روي ذلك عن ابن عباس وأبي أمامة وابن محيريز، وهو وجه لبعض أصحابنا، حكاه الماوردي لكنه قال يقول: السلام عليك، ولا يقول: عليكم بالجمع ، واحتج هؤلاء بعموم الأحاديث الواردة في إفشاء السلام، وهو من ترجيح العمل بالعام على الخاص. وذلك مخالف لما تقرر عند جميع المحققين، ولا شك أن هذا الحديث الوارد في النهي عن ابتداء اليهود والنصارى بالسلام أخص منها مطلقا، والمصير إلى بناء العام على الخاص واجب. وقال بعض أصحاب الشافعي: يكره ابتداؤهم بالسلام ولا يحرم، وهو مصير إلى معنى النهي المجازي بلا قرينة صارفة إليه. وحكى القاضي عياض عن جماعة أنه يجوز ابتداؤهم به للضرورة والحاجة وهو قول علقمة والنخعي. وروي عن الأوزاعي أنه قال: إن سلمت فقد سلم الصالحون، وإن تركت فقد ترك الصالحون. قوله: وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقها أي ألجؤهم إلى المكان الضيق منها، وفيه دليل على أنه لا يجوز للمسلم أن يترك للذمي صدر الطريق، وذلك نوع من إنزال الصغار بهم والاذلال لهم.
قال النووي: وليكن التضييق بحيث لا يقع في وهدة ولا يصدمه جدار، ونحوه قوله: فقولوا وعليكم في الرواية الأخرى: فقولوا عليكم وفي الرواية الثالثة: فقل عليك فيه دليل على أنه يرد على أهل الكتاب إذا وقع منهم الابتداء بالسلام، ويكون الرد بإثبات الواو وبدونها، وبصيغة المفرد والجمع، وكذا يرد عليهم لو قالوا السام بحذف اللام وهو عندهم الموت. قال النووي في شرح مسلم: اتفق العلماء على الرد على أهل الكتاب إذا سلموا لكن لا يقال لهم: وعليكم السلام، بل يقال: عليكم أو وعليكم