بن الأكوع كان أجيرا لطلحة حين أدركه عبد الرحمن بن عيينة لما أغار على سرح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأعطاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم سهم الفارس والراجل، وهذا المعنى لأحمد ومسلم في حديث طويل. ويحمل هذا على أجير يقصد مع الخدمة الجهاد، والذي قبله على من لا يقصده أصلا جمعا بينهما.
الحديث الأول في إسناده عند ابن ماجة سنيد بن داود المصيصي وهو ضعيف، ويشهد له ما أخرجه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري عن عبيد الله بن سليمان: أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم حدثه قال: لما فتحنا خيبر أخرجوا غنائمهم من المتاع والسبي فجعل الناس يتبايعون غنائمهم، فجاء رجل فقال: يا رسول الله لقد ربحت ربحا ما ربح اليوم مثله أحد من أهل هذا الوادي، فقال: ويحك وما ربحت؟ قال: ما زلت أبيع وأبتاع حتى ربحت ثلاثمائة أوقية، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا أنبئك بخير رجل ربح، قال: وما هو يا رسول الله؟
قال: ركعتين بعد الصلاة. فهذا الحديث وحديث خارجة المذكور فيهما دليل على جواز التجارة في الغزو، وعلى أن الغازي مع ذلك يستحق نصيبه من المغنم، وله الثواب الكامل بلا نقص، ولو كانت التجارة في الغزو موجبة لنقصان أجر الغازي لبينه صلى الله عليه وآله وسلم، فلما لم يبين ذلك بل قرره دل على عدم النقصان، ويؤيد ذلك جواز الاتجار في سفر الحج لما ثبت في الحديث الصحيح أنه لما تحرج جماعة من التجار في سفر الحج أنزل الله تعالى: * (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) * (البقرة: 198). والحديث الثاني سكت عنه أيضا أبو داود والمنذري، وأخرجه الحاكم وصححه، وأخرجه البخاري بنحوه وبوب عليه باب الأجير، وقد اختلف العلماء في الاسهام للأجير إذا استؤجر للخدمة، فقال الأوزاعي وأحمد وإسحاق: لا يسهم له، وقال الأكثر: يسهم له واحتجوا بحديث سلمة الذي أشار إليه المصنف وفيه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أسهم له، وأما إذا استؤجر الأجير ليقاتل فقالت الحنفية والمالكية: لا سهم له، وقال الأكثر: له سهمه. وقال أحمد: لو استأجر الامام قوما على الغزو لم يسهم لهم سوى الأجرة. وقال الشافعي: هذا فيمن لم يجب عليه الجهاد، أما الحر البالغ المسلم إذا حضر الصف فإنه يتعين عليه الجهاد فيسهم له ولا يستحق أجرة. وقال الثوري: لا يسهم للأجير إلا إن قاتل. وقال الحسن وابن سيرين: