الله عليه وآله وسلم لم يقتلها بعد أن اعترفت بذلك، والقصة معروفة في كتب السير والحديث والخلاف فيها مشهور. وقد جزم بعض أهل العلم بأنه يقتل من سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أهل الذمة، واستدل بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقتل من كان يشتمه من كفار قريش كما سبق، وتعقبه ابن عبد البر بأن كفار قريش المأمور بقتلهم يوم الفتح كانوا حربيين. وأخرج عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرت أن أبا عبيدة بن الجراح وأبا هريرة قتلا كتابيين أرادا امرأة على نفسها مسلمة. وروى البيهقي من طريق الشعبي عن سويد بن غفلة قال:
كنا عند عمر وهو أمير المؤمنين بالشام فأتى نبطي مضروب مشجج يستعدي فغضب عمر وقال لصهيب: أنظر من صاحب هذا؟ فذكر القصة فجئ به فإذا هو عوف بن مالك فقال: رأيته يسوق بامرأة مسلمة فنخس الحمار ليصرعها فلم تصرع، ثم دفعها فخرت عن الحمار فغشيها ففعلت به ما ترى، فقال عمر: والله ما على هذا عاهدناكم، فأمر به فصلب، ثم قال: يا أيها الناس فوا بذمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فمن فعل منهم هذا فلا ذمة له.
باب منع أهل الذمة من سكنى الحجاز عن ابن عباس قال: اشتد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجعه يوم الخميس وأوصى عند موته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، ونسيت الثالثة متفق عليه، والشك من سليمان الأحول. وعن عمر: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلما رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه. وعن عائشة قالت: آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن قال: لا يترك بجزيرة العرب دينان. وعن أبي عبيدة بن الجراح قال: آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب رواهما أحمد. وعن ابن عمر: أن عمر أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز وذكر يهود خيبر إلى أن قال: أجلاهم عمر إلى تيماء وأريحاء رواه البخاري.