وكذلك أورده ابن السكن أولا من مسند البزار، وأخرجه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه من طريق ابن لهيعة كذلك، قال الحافظ: وقد أسلم هبار هذا، ففي رواية ابن أبي نجيح المذكورة: فلم تصبه السرية وأصابه الاسلام فهاجر فذكر قصة إسلامه، وله حديث عند الطبراني وآخر عند ابن منده، وعاش إلى أيام معاوية، وهو بفتح الهاء وتشديد الباء الموحدة، قال الحافظ أيضا: ولم أقف لرفيقه على ذكر في الصحابة، فلعله مات قبل أن يسلم. قوله: وإن النار لا يعذب بها إلا الله هو خبر بمعنى النهي، وقد اختلف السلف في التحريق، فكره ذلك عمر وابن عباس وغيرهما مطلقا، سواء كان في سبب كفر أوفي حال مقاتلة أو في قصاص، وأجازه علي وخالد بن الوليد وغيرهما. قال المهلب:
ليس هذا النهي على التحريم بل على سبيل التواضع، ويدل على جواز التحريق فعل الصحابة، وقد سمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعين العرنيين بالحديد كما تقدم، وقد أحرق أبو بكر بالنار في حضرة الصحابة. وحرق خالد بن الوليد ناسا من أهل الردة، وكذلك حرق علي كما تقدم في كتاب الحدود. قوله: ولا تعقرن بالعين المهملة والقاف والراء في كثير من النسخ، وفي نسخ: ولا تعزقن بالعين المهملة والزاي المكسورة والقاف ونون التوكيد. قال في النهاية: هو القطع، وظاهر النهي في حديث الباب التحريم وهو نسخ للامر المتقدم سواء كان بوحي إليه أو اجتهاد، وهو محمول على من قصد إلى ذلك في شخص بعينه.
وعن جرير بن عبد الله قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا تريحني من ذي الخلصة؟ قال: فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس وكانوا أصحاب خيل، وكان ذو الخلصة بيتا في اليمن لخثعم وبجيلة فيه نصب يعبد يقال له كعبة اليمانية، قال: فأتاها فحرقها بالنار وكسرها ثم بعث رجلا من أحمس يكنى أبا أرطأة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبشره بذلك، فلما أتاه قال: يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما جئت حتى تركتها كأنها جمل أجرب، قال: فبرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم على خيل أخمس ورجالها خمس مرات متفق عليه. وعن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قطع نخل بني النضير وحرق، ولها يقول حسان : وهان على سراة بني لؤي * حريق بالبويرة مستطير