قالوها بالضم أرادوا كبر السن. وقال الجوهري: الزنديق من الثنوية، وفسره بعض الشراح بأنه الذي يدعي مع الله إلها آخر، وتعقب بأنه يلزم منه أن يطلق على كل مشرك. قال الحافظ: والتحقيق ما ذكره من صنف في الملل والنحل أن أصل الزندقة اتباع ديصان ثم ماني ثم مزدك الأول بفتح الدال المهملة وسكون التحتية بعدها صاد مهملة، والثاني بتشديد النون وقد تخفف والياء خفيفة، والثالث بزاي ساكنة ودال مهملة مفتوحة ثم كاف. (وحاصل) مقالتهم أن النور والظلمة قديمان وأنهما امتزجا فحدث العالم كله منهما، فمن كان من أهل الشر فهو من الظلمة، ومن كان من أهل الخير فهو من النور، وأنه يجب أن يسعى في تخليص النور من الظلمة فيلزم إزهاق كل نفس، وكان بهرام جد كسرى تحيل على ماني حتى حضر عنده وأظهر له أنقبل مقالته ثم قتله وقتل أصحابه وبقيت منهم بقايا اتبعوا مزدك المذكور وقام الاسلام. والزنديق يطلق على من يعتقد ذلك، وأظهر جماعة منهم الاسلام خشية القتل فهذا أصل الزندقة. وأطلق جماعة من الشافعية الزندقة على من يظهر الاسلام ويخفي الكفر مطلقا. وقال النووي في الروضة: الزنديق الذي لا ينتحل دينا. وقد اختلف الناس في الذين وقع لهم مع أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ما وقع وسيأتي. قوله: لنهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا تعذبوا بعذاب الله أي لنهيه عن القتل بالنار بقوله: ولا تعذبوا بعذاب الله. وهذا يحتمل أن يكون مما سمعه ابن عباس من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويحتمل أن يكون سمعه من بعض الصحابة. وقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة حديثا وفيه: وأن النار لا يعذب بها إلا الله ذكره البخاري في الجهاد. وأخرج أبو داود من حديث ابن مسعود في قصة بلفظ: وإنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار.
قوله: من بدل دينه فاقتلوه هذا ظاهره العموم في كل من وقع منه التبديل، ولكنه عام يخص منه من بدله في الباطن ولم يثبت عليه ذلك في الظاهر فإنه تجري عليه أحكام الظاهر، ويستثنى منه من بدل دينه في الظاهر ولكن مع الاكراه هكذا في الفتح، قال فيه: واستدل به على قتل المرتدة كالمرتد، وخصه الحنفية بالذكر وتمسكوا بحديث النهي عن قتل النساء، وحمل الجمهور النهي على الكافرة الأصلية إذا لم تباشر القتال لقوله في بعض طرق حديث النهي عن قتل النساء لما رأى امرأة مقتولة: