تعالى بأحاديث الباب على جواز استرقاق العرب، وإلى ذلك ذهب الجمهور، كما حكاه الحافظ في كتاب العتق من فتح الباري. وحكي في البحر عن العترة وأبي حنيفة أنه لا يقبل من مشركي العرب إلا الاسلام أو السيف واستدل لهم بقوله تعالى: * (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين) * (التوبة: 5) الآية، قال: والمراد مشركوا العرب إجماعا إذ كان العهد لهم يومئذ دون العجم اه. ثم قال في موضع آخر من البحر: فأما الاسترقاق فإن كان أعجميا أو كتابيا جاز لقول ابن عباس في تفسير: * (فإما منا بعد وإما فداء) * (محمد: 4) خير الله تعالى نبيه في الأسر بين القتلى والفداء والاسترقاق وإن كان عربيا غير كتابي لم يجز الشافعي يجوز لنا قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لو كان الاسترقاق ثابتا على العرب الخبر اه. وهو يشير إلى حديث معاذ الذي أخرجه الشافعي والبيهقي: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال يوم حنين: لو كان الاسترقاق جائزا على العرب لكان اليوم إنما هو أسرى وفي إسناده الواقدي وهو ضعيف جدا. ورواه الطبراني من طريق أخرى فيها يزيد بن عياض وهو أشد ضعفا من الواقدي، ومثل هذا لا تقوم به حجة. وظاهر الآية عد الفرق بين العربي والعجمي. وقد خصت الهادوية عدم جواز الاسترقاق بذكور العرب دون إناثهم، ومن أدلتهم على عدم جواز استرقاق الذكور من العرب أنه لو ثبت الاسترقاق لهم لوقع، ولم يرد في وقوعه شئ على كثرة أسر العرب في زمانه صلى الله عليه وآله وسلم، فإن المكروه أيضا لا بد أن يقع ولو لبيان الجواز، ولا يجوز أن يخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتبليغ حكم الله. قال في المنار مستدلا على ما ذهب إليه الجمهور: وقد استفتحت الصحابة أرض الشام وهم عرب، وكذلك في أطراف بلاد العرب المتصلة بالعجم، ولم يفتشوا العربي من العجمي، والكتابي من الأمي، بل سووا بينهم، لم يرو عن أحد خلاف ذلك، ثم ذكر قول أحمد بن حنبل الذي ذكره المصنف. (والحاصل) أنه قد ثبت في جنس أسارى الكفار جواز القتل والمن والفداء والاسترقاق، فمن ادعى أن بعض هذه الأمور تختص ببعض الكفار دون بعض لم يقبل منه ذلك إلا بدليل ناهض يخصص العمومات، والمجوز قائم في مقام المنع. وقول علي وفعله عند بعض المانعين من استرقاق ذكور
(١٥٣)