عليه وآله وسلم قال لرجل: أسلم، قال: أجدني كارها، قال أسلم وإن كنت كارها رواه أحمد.
هذه الأحاديث فيها دليل على أنه يجوز مبايعة الكافر وقبول الاسلام منه وإن شرط شرطا باطلا، وأنه يصح إسلام من كان كارها. وقد سكت أبو داود والمنذري عن حديث وهب المذكور وهو وهب بن منبه وإسناده لا بأس به.
وأخرج أبو داود أيضا من حديث الحسن البصري عن عثمان بن أبي العاص: أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم، فاشترطوا عليه أن لا يحشروا ولا يعشروا ولا يجبوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لكم أن لا تحشروا ولا تعشروا، ولا خير في دين ليس فيه ركوع. قال المنذري: قد قيل إن الحسن البصري لم يسمع من عثمان بن أبي العاص، والمراد بالحشر جمعهم إلى الجهاد والنفير إليه. وبقوله: يعشروا أخذ العشور من أموالهم صدقة. وبقوله: ولا يجبوا بفتح الجيم وضم الباء الموحدة المشددة، وأصل التجبية أن يقوم الانسان مقام الراكع وأرادوا أنهم لا يصلون. قال الخطابي: ويشبه أن يكون إنما سمح لهم بالجهاد والصدقة لأنهما لم يكونا بعد واجبتين في العاجل، لأن الصدقة إنما تجب بانقطاع الحول، والجهاد إنما يجب بحضوره، وأما الصلاة فهي راتبة فلم يجز أن يشترطوا تركها انتهى. ويعكر على ذلك حديث نصر بن عاصم المذكور في الباب فإن فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل من الرجل أن يصلي صلاتين فقط أو صلاة واحدة على اختلاف الروايتين، ويبقى الاشكال في قوله في الحديث الذي ذكرناه: لا خير في دين ليس فيه ركوع فإن ظاهره يدل على أنه لا خير في إسلام من أسلم بشرط أن لا يصلي، ويمكن أن يقال: إن نفي الخيرية لا يستلزم عدم جواز قبول من أسلم بشرط أن لا يصلي، وعدم قبوله صلى الله عليه وآله وسلم لذلك الشرط من ثقيف لا يستلزم عدم جواز القبول مطلقا.