يكثر وقوعها فإنه يقل فهمه وعلمه، ومن توسع في تفريع المسائل وتوليدها ولا سيما فيما يقل وقوعه أو يندر، ولا سيما إن كان الحامل على ذلك المباهاة والمغالبة فإنه يذم فعله، وهو عين الذي كرهه السلف، ومن أمعن البحث عن معاني كتاب الله تعالى، محافظا على ما جاء في تفسيره عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن الصحابة الذين شاهدوا التنزيل، وحصل من الاحكام ما يستفاد من منطوقه ومفهومه، وعن معاني السنة وما دلت عليه كذلك مقتصرا على ما يصلح للحجة فيها، فإنه الذي يحمد وينفع وينتفع به، وعلى ذلك يحمل عمل فقهاء الأمصار من التابعين فمن بعدهم، حتى حدثت الطائفة الثانية فعارضتها الطائفة الأولى، فكثر بينهم المراء والجدال وتولدت البغضاء، وهم من أهل دين واحد، والوسط هو المعتدل من كل شئ، وإلى ذلك يشير قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المذكور في الباب: فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإن الاختلاف يجر إلى عدم الانقياد، وهذا كله من حيث تقسيم المشتغلين بالعلم، وأما العمل بما ورد في الكتاب والسنة والتشاغل به فقد وقع الكلام في أيهما أولى يعني هل العلم أو العمل؟ والانصاف أن يقال: كل ما زاد على ما هو في حق المكلف فرض عين، فالناس فيه على قسمين: من وجد من نفسه قوة على الفهم والتحرير فتشاغله بذلك أولى من إعراضه عنه، وتشاغله بالعبادة لما فيه من النفع المتعدي، ومن وجد من نفسه قصورا فإقباله على العبادة أولى به لعسر اجتماع الامرين، فإن الأول لو ترك العلم لأوشك أن يضيع بعض الأحكام بإعراضه، والثاني لو أقبل على العلم وترك العبادة فإنه الأمران لعدم حصول الأول له وإعراضه عن الثاني انتهى. قوله: إن أعظم المسلمين إلخ، هذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري: إن أعظم الناس جرما قال الطيبي: فيه من المبالغة أنه جعله عظيما، ثم فسره بقوله جرما ليدل على أنه نفسه جرم، قال: وقوله في المسلمين أي في حقهم. قوله: فحرم بضم الحاء المهملة وتشديد الراء قال ابن بطال عن المهلب: ظاهر الحديث يتمسك به القدرية في أن الله يفعل شيئا من أجل شئ وليس كذلك بل هو على كل شئ قدير، فهو فاعل السبب والمسبب، ولكن الحديث محمول على التحذير مما ذكر، فعظم جرم من فعل ذلك لكثرة الكارهين لفعله. وقال غيره: أهل السنة لا ينكرون إمكان التعليل وإنما ينكرون وجوبه، فلا يمتنع أن يكون الشئ الفلاني تتعلق به الحرمة إن سئل عنه،
(٢٧٥)