ثبتت الجزية على اليهود والنصارى بالكتاب وعلى المجوس بالسنة. قال العلماء: الحكمة في وضع الجزية أن الذي يلحقهم يحملهم على الدخول في الاسلام مع ما في مخالطة المسلمين من الاطلاع على محاسن الاسلام، واختلف في السنة التي شرعت فيها فقيل في سنة ثمان، وقيل في سنة تسع.
عن عمر بن عبد العزيز: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتب إلى أهل اليمن: إن على كل إنسان منكم دينارا كل سنة أو قيمته من المعافر يعني أهل الذمة منهم، رواه الشافعي في مسند وقد سبق هذا المعنى في كتاب الزكاة في حديث لمعاذ. وعن عمرو بن عوف الأنصاري: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي متفق عليه. وعن الزهري قال: قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الجزية من أهل البحرين وكانوا مجوسا رواه أبو عبيد في الأموال. وعن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة فأخذوه فأتوا به فحقن دمه وصالحه على الجزية رواه أبو داود. وهو دليل على أنها لا تختص بالعجم لأن أكيدر دومة عربي من غسان. وعن ابن عباس قال: صالح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أهل نجران على ألفي حلة النصف في صفر والبقية في رجب يؤدونها إلى المسلمين، وعارية ثلاثين درعا وثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح يغزون بها، والمسلمون ضامنون لها حتى يردوها عليهم إن كان باليمن كيد ذات غدر، على أن لا يهدم لهم بيعة، ولا يخرج لهم قس، ولا يفتنوا عن دينهم ما لم يحدثوا حدثا أو يأكلوا الربا أخرجه أبو داود.
حديث عمر بن عبد العزيز هو مرسل، ولكنه يشهد له ما أشار إليه المصنف من حديث معاذ، وقد سبق في باب صدقة المواشي من كتاب الزكاة وفيه: ومن كل حالم دينارا أو عدله معافر وقد قدمنا الكلام عليه هنالك. وحديث الزهري هو أيضا مرسل، وقد تقدم ما يشهد له في أول الباب. وحديث أنس أخرجه أيضا البيهقي وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده ثقات وفيه عنعنة محمد بن إسحاق.
وحديث ابن عباس هو من رواية السدي عنه قال المنذري: وفي سماع السدي من