الله عليه وآله وسلم فقال: لا تفعل فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة؟ اغزوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة. قوله: كتاب الجهاد قال في الفتح:
الجهاد بكسر الجيم أصله لغة المشقة، يقال: جاهدت جهادا أي بلغت المشقة، وشرعا بذل الجهد في قتال الكفار، ويطلق أيضا على مجاهدة النفس والشيطان والفساق.
فأما مجاهدة النفس فعلى تعلم أمور الدين ثم على العمل بها ثم على تعليمها. وأما مجاهدة الشيطان فعلى دفع ما يأتي به من الشبهات وما يزينه من الشهوات. وأما مجاهدة الكفار فتقع باليد والمال واللسان والقلب، وأما الفساق فباليد ثم اللسان ثم القلب.
ثم قال: واختلف في جهاد الكفار هل كان أولا فرض عين أو كفاية؟ ثم قال في باب وجوب النفير: فيه قولان مشهوران للعلماء وهما في مذهب الشافعي. وقال الماوردي : كان عينا على المهاجرين دون غيرهم، ويؤيده وجوب الهجرة قبل الفتح في حق كل من أسلم إلى المدينة لنصر الاسلام. وقال السهيلي: كان عينا على الأنصار دون غيرهم . ويؤيده مبايعتهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة العقبة على أن يؤوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وينصروه، فيخرج من قولهما أنه كان عينا على الطائفتين كفاية في حق غيرهم، ومع ذلك فليس في حق الطائفتين على التعميم، بل في حق الأنصار إذا طرق المدينة طارق، وفي حق المهاجرين إذا أريد قتال أحد من الكفار ابتداء. وقيل: كان عينا في الغزوة التي يخرج فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم دون غيرها، والتحقيق أنه كان عينا على من عينه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حقه وإن لم يخرج، وأما بعده صلى الله عليه وآله وسلم فهو فرض كفاية على المشهور إلا أن تدعو الحاجة كأن يدهم العدو، ويتعين على من عينه الامام، ويتأدى فرض الكفاية بفعله في السنة مرة عند الجمهور، ومن حججهم أن الجزية تجب بدلا عنه، ولا تجب في السنة أكثر من مرة اتفاقا فليكن بدلها كذلك. وقيل:
يجب كلما أمر وهو قوي. قال: والتحقيق أن جنس جهاد الكفار متعين على كل مسلم إما بيده وإما بلسانه وإما بماله وإما بقلبه انتهى. وأول ما شرع الجهاد بعد الهجرة النبوية إلى المدينة اتفاقا. قوله: لغدوة أو روحة الغدوة بالفتح واللام للابتداء وهي المرة الواحدة من الغدو وهو الخروج في أي وقت كان من أول