إخبار المشركين بأن الذمة قد انقضت، وإيذانهم بالحرب إن لم يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وفي الحديث دليل على ما ترجم به المصنف الباب من أنه لا يجوز المسير إلى العدو في آخر مدة الصلح بغتة، بل الواجب الانتظار حتى تنقضي المدة أو النبذ إليهم على سواء.
باب الكفار يحاصرون فينزلون على حكم رجل من المسلمين عن أبي سعيد: أن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى سعد فأتاه على حمار فلما دنا قريبا من المسجد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قوموا إلى سيدكم أو خيركم، فقعد عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن هؤلاء نزلوا على حكمك، قال: فإني أحكم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم، فقال: لقد حكمت بما حكم به الملك وفي لفظ:
قضيت بحكم الله عز وجل متفق عليه.
قوله: قوموا إلى سيدكم قد اختلف هل المخاطب بهذا الخطاب الأنصار خاصة أم هم وغيرهم؟ وقد بين ذلك صاحب الفتح في كتاب الاستئذان. قوله: فإني أحكم في رواية للبخاري فيهم، وفي رواية له أخرى فيه أي في هذا الامر. قوله:
بما حكم به الملك بكسر اللام، وفي رواية: لقد حكمت اليوم فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات. وفي حديث جابر عند ابن عائذ فقال: احكم فيهم يا سعد، فقال: الله ورسوله أحق بالحكم، قال: قد أمرك الله أن تحكم فيهم. وفي رواية ابن إسحاق: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة والأرقعة بالقاف جمع وقيع وهو من أسماء السماء، قيل: سميت بذلك، لأنها رقعت بالنجوم، وهذا كله يدفع ما وقع عند الكرماني بحكم الملك بفتح اللام وفسره بجبريل، لأنه الذي كان ينزل بالأحكام، قال السهيلي: من فوق سبع سماوات معناه أن الحكم نزل من فوق، قال: ومثله قول زينب بنت جحش: زوجني الله من نبيه من فوق سبع سماوات أي نزل تزويجها من فوق. قال: ولا يستحيل وصفه تعالى بالفوق على المعنى الذي يليق بجلاله، لا على المعنى الذي يسبق إلى الوهم من التحديد الذي يفضي إلى التشبيه. وفي