فقالوا: أتأذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه؟ فقال: لا تدعوا منه درهما. وأخرج البيهقي من حديث ابن عباس أنه قال في قوله تعالى: * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) * (الأنفال: 67) إن ذلك كان يوم بدر والمسلمون في قلة، فلما كثروا واشتد سلطانهم أنزل الله تعالى: * (فإما منا بعد وإما فداء) * (محمد: 4) فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم المؤمنين بالخيار فيهم إن شاؤوا قتلوهم، وإن شاؤوا استعبدوهم، وإن شاؤوا فادوهم، وفي إسناده علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وهو لم يسمع منه، لكنه إنما أخذ التفسير عن ثقات أصحابه كمجاهد وغيره، وقد اعتمده البخاري وأبو حاتم وغيرهما في التفسير. وأخرج أبو داود عن ابن عباس من وجه آخر قال: حدثني عمر بن الخطاب. قال: لما كان يوم بدر فأخذ يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم الفداء أنزل الله تعالى: * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) * إلى قوله: * (عذاب أليم) * ثم أحل لهم الغنائم. قوله: لما أسروا الأسارى قد ساق ابن إسحاق في المغازي تفصيل أمر فداء الأسارى فذكر ما يشفي ويكفي. قوله: قاعدين يبكيان إنما وقع البكاء منه صلى الله عليه وآله وسلم ومن أبي بكر لما أنزل الله من المعاتبة، ولما وقع من عرض العذاب على الذين أخذوا الفداء كما في الحديث المذكور. قوله: من بني عقيل بضم العين المهملة كذا في المشارق. قوله: بذحل بفتح الذال المعجمة وسكون الحاء المهملة قال في مختصر النهاية: الذحل الوتر وطلب المكافأة بجناية جنيت عليه. وقال في القاموس: الذحل الثأر أو طلب مكافأة بجناية جنيت عليك، أو عداوة أتت إليك، أو العداوة والحقد، الجمع أذحال وذحول. وقد استدل المصنف بالأحاديث التي ذكرها على ما ترجم الباب به من المن والفداء في حق الأسارى، ومذهب الجمهور أن الامر في الأسارى الكفرة من الرجال إلى الامام يفعل ما هو الأحظ للاسلام والمسلمين. وقال الزهري ومجاهد وطائفة: لا يجوز أخذ الفداء من أسرى الكفار أصلا. وعن الحسن وعطاء: لا تقتل الأسرى بل يتخير بني المن والفداء. وعن مالك:
لا يجوز المن بغير فداء. وعن الحنفية: لا يجوز المن أصلا لا بفداء ولا بغيره. قال الطحاوي:
وظاهر الآية يعني قوله تعالى: * (فإما منا بعد وإما فداء) * حجة للجمهور. وكذا حديث أبي هريرة في قصة ثمامة المذكورة في أول الباب. وقال أبو بكر الرازي: احتج