هو المرق عقوبة للذين تعجلوا، وأما نفس اللحم فلم يتلف بل يحمل على أنه جمع، ورد إلى المغانم لأجل النهي عن إضاعة المال باب النهي عن الانتفاع بما يغنمه الغانم قبل أن يقسم إلا حالة الحرب عن رويفع بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال يوم حنين: لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبتاع مغنما حتى يقسم، ولا يلبس ثوبا من فئ المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه، ولا أن يركب دابة من فئ المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه رواه أحمد وأبو داود. وعن ابن مسعود قال:
انتهيت إلى أبي جهل يوم بدر وهو صريع وهو يذب الناس عنه بسيف له، فجعلت أتناوله بسيف لي غير طائل فأصبت يده فنذر سيفه فأخذته فضربته حتى قتلته ثم أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته فنفلني بسلبه رواه أحمد.
الحديث الأول في إسناده محمد بن إسحاق وفيه مقال معروف قد تقدم التنبيه عليه غير مرة، وأخرجه أيضا الدارمي والطحاوي وابن حبان وحسن الحافظ في الفتح إسناده. وقال في بلوغ المرام: رجاله ثقات لا بأس بهم. والحديث الثاني أورده الحافظ في التلخيص وسكت عنه وهو من رواية أبي عبيدة عن أبيه ولم يسمع منه. وقال في مجمع الزوائد: إن رجاله رجال الصحيح غير محمد بن وهب بن أبي كريمة وهو ثقة انتهى. وأخرج نحوه أبو داود ولفظه عن أبي عبيدة وهو ابن عبد الله بن مسعود عن أبيه أنه قال: مررت فإذا أبو جهل صريع قد ضربت رجله فقلت:
يا عدو الله يا أبا جهل قد أخزى الله الآخر قال ولا أهابه عند ذلك، فقال أبعد من رجل قتله قومه، فضربته بسيف غير طائل فلم يغن شيئا حتى سقط سيفه من يده فضربته حتى برد وأخرج نحوه النسائي مختصرا. وقوله: أبعد من رجل الخ، قال الخطابي في المعالم: هكذا رواه أبو داود وهو غلط وإنما هو أعمد بالميم بعد العين كلمة للعرب معناها هل زاد على رجل قتله قومه يهون على نفسه ماحل بها انتهى. والحديث الأول فيه دليل على أنه لا يحل لأحد من المجاهدين أن يبيع شيئا من الغنيمة قبل قسمتها، لأن ذلك من الغلول، وقد وردت الأحاديث الصحيحة النهي عنه،