الغافلين منع السؤال عن النوازل إلى أن تقع تعلقا بهذه الآية وليس كذلك، لأنها مصرحة بأن المنهي عنه ما تقع المساءة في جوابه، ومسائل النوازل ليست كذلك، قال الحافظ: وهو كما قال، إلا أن ظاهرها اختصاص ذلك بزمان نزول الوحي، ويؤيده حديث سعد المذكور في أول الباب لأنه قد أمن من وقوع التحريم لأجل المسألة، ولكن ليس الظاهر ما قاله ابن العربي من الاختصاص، لأن المساءة مجوزة في السؤال عن كل أمر لم يقع، وأما ما ثبت في الأحاديث من وقوع المسائل من الصحابة فيحتمل أن ذلك قبل نزول الآية، ويحتمل أن النهي في الآية لا يتناول ما يحتاج إليه مما تقرر حكمه، كبيان ما أجمل أو نحو ذلك مما وقعت عنه المسائل، وقد وردت عن الصحابة آثار كثيرة في المنع من ذلك ساقها الدارمي في أوائل مسنده. منها عن زيد بن ثابت أنه كان إذا سئل عن الشئ يقول: هل كان هذا؟ فإن قيل: لا، قال:
دعوه حتى يكون. قال في الفتح: والتحقيق في ذلك أن البحث عما لا يوجد فيه نص على قسمين، أحدهما: أن يبحث عن دخوله في دلالة النص على اختلاف وجوهها فهذا مطلوب لا مكروه، بل ربما كان فرضا على من تعين عليه من المجتهدين. ثانيهما: أن يدقق النظر في وجوه الفرق، فيفرق بين متماثلين بفرق ليس له أثر في الشرع مع وجود وصف الجمع أو بالعكس بأن يجمع بين مفترقين لوصف طردي مثلا، فهذا الذي ذمه السلف، وعليه ينطبق حديث ابن مسعود رفعه: هلك المتنطعون أخرجه مسلم، فرأوا أن فيه تضييع الزمان بما لا طائل تحته، ومثله الاكثار من التفريع على مسألة لا أصل لها في الكتاب ولا السنة ولا الاجماع، وهي نادرة الوقوع جدا، فيصرف فيها زمانا كان صرفه في غيرها أولى، ولا سيما إن لزم من ذلك المقال التوسع في بيان ما يكثر وقوعه، وأشد من ذلك في كثرة السؤال البحث عن أمور مغيبة، ورد الشرع بالايمان بها مع ترك كيفيتها. ومنها: ما لا يكون له شاهد في عالم الحس، كالسؤال عن وقت الساعة، وعن الروح، وعن مدة هذه الأمة، إلى أمثال ذلك مما لا يعرف إلا بالنقل، والكثير منه لم يثبت فيه شئ، فيجب الايمان به من غير بحث، وأشد من ذلك ما يوقع كثرة البحث عنه في الشك والحيرة، كما صح من حديث أبي هريرة رفعه عند البخاري وغيره: لا يزال الناس يتساءلون هذا: الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ قال الحافظ: فمن سد باب المسائل حتى فاته كثير من الاحكام التي