خلق منهم، وسيخرج من أصلابهم ناس يسلمون ويجاهدون، وكان بمكة في الحديبية جمع كثير مؤمنون من المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، فلو طرق الصحابة مكة لما أمن أن يصاب منهم ناس بغير عمد كما أشار إليه تعالى في قوله: * (ولولا رجال مؤمنون) * (الفتح: 25) الآية، ووقع للمهلب استبعاد جواز هذه الكلمة وهي حابس الفيل على الله تعالى فقال: المراد حبسها أمر الله عز وجل، وتعقب بأنه يجوز إطلاقه في حق الله تعالى فيقال: حبسها الله حابس الفيل، كذا أجاب ابن المنير وهو مبني على الصحيح من أن الأسماء توقيفية، وقد توسط الغزالي وطائفة فقالوا: محل المنع ما لم يرد نص بما يشتق منه، بشرط أن لا يكون ذلك الاسم المشتق مشعرا بنقص فيجوز تسميته بواقي لقوله تعالى: * (ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته) * (غافر: 9) ولا يجوز تسميته البناء، وإن ورد قوله تعالى: * (والسماء بنيناها بأيد) * (الذاريات: 47) قال في الفتح: وفي هذه القصة جواز التشبيه من الجهة العامة وإن اختلفت الجهة الخاصة، لأن أصحاب الفيل كانوا على باطل محض، وأصحاب هذه الناقة كانوا على حق محض، ولكن جاء التشبيه من جهة إرادة الله تعالى منع الحرم مطلقا، أما من أهل الباطل فواضح، وأما من أهل الحق فللمعنى الذي تقدم ذكره. وقال الخطابي: معنى تعظيم حرمات الله في هذه القصة ترك القتال في الحرم والجنوح إلى المسالمة والكف عن إرادة سفك الدماء. قوله: والذي نفسي بيده قال ابن القيم: وقد حفظ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحلف في أكثر من ثمانين موضعا. قوله: خطة بضم الخاء المعجمة أي خصلة يعظمون فيها حرمات الله أي من ترك القتال في الحرم، وقيل: المراد بالحرمات حرم الحرم والشهر والاحرام. قال الحافظ: وفي الثالث نظر لأنهم لو عظموا الاحرام ما صدوه. ووقع في رواية لابن إسحاق: يسألونني فيها صلة الرحم وهي من جملة حرمات الله. قوله:
إلا أعطيتهم إياها أي أجبتهم إليها، قال السهيلي: لم يقع في شئ من طرق الحديث أنه قال إن شاء الله مع أنه مأمور بها في كل حالة. والجواب أنه كان أمرا واجبا حتما فلا يحتاج فيه إلى الاستثناء كذا قال، وتعقب بأنه تعالى قال في هذه القصة : * (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) * (الفتح: 27) فقال إن شاء الله مع تحقق وقوع ذلك تعليما وإرشادا، فالأولى أن يحمل على أن الاستثناء سقط من الراوي، أو كانت القصة قبل نزول الامر بذلك، ولا قوله: ثم يعارضه كون الكهف مكية إذ لا مانع أن يتأخر نزول