فسمي المقام في الثغر رباطا ومنه قوله تعالى: * (وصابروا ورابطوا) * (آل عمران: 200) انتهى. قوله: أمن الفتان بفتح الفاء وتشديد التاء الفوقية وبعد الألف نون قال في القاموس: الفتان اللص والشيطان كالفاتن والصانع، والفتانان الدرهم والدينار، ومنكر ونكير. قال في النهاية، وبالفتح هو الشيطان لأنه يفتن الناس عن الدين انتهى. والمراد ههنا الشيطان أو منكر ونكير. قوله: حرس هو مصدر حرس والمراد هنا حراسة الجيش يتولاها واحد منهم فيكون له ذلك الاجر لما في ذلك من العناية بشأن المجاهدين والتعب في مصالح الدين، ولذلك قال في الحديث الآخر: عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله. قوله: فالالقاء بأيدينا إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا إلخ، هذا فرد من أفراد ما تصدق عليه الآية، لأنها متضمنة للنهي لكل أحد عن كل ما يصدق عليه أنه من باب الالقاء بالنفس إلى التهلكة، والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإذا كانت تلك الصورة التي قال الناس إنها من باب الالقاء لما رأوا الرجل الذي حمل على العدو كما سلف من صور الالقاء لغة أو شرعا فلا شك أنها داخلة تحت عموم الآية، ولا يمنع من الدخول اعتراض أبي أيوب بالسبب الخاص، وقد تقرر في الأصول رجحان قول من قال: إن الاعتبار بعموم اللفظ، ولا حرج في اندراج التهلكة باعتبار الدين وباعتبار الدنيا تحت قوله: * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * (البقرة: 195) ويكون ذلك من باب استعمال المشترك في جميع معانيه، وهو أرجح الأقوال الستة المعروفة في الأصول في استعمال المشترك. وفي البخاري في التفسير، أن التهلكة هي ترك النفقة في سبيل الله. وذكر صاحب الفتح هنالك أقوالا أخر فليراجع. وقد أخرج الحاكم من حديث أنس: أن رجلا قال: يا رسول الله أرأيت إن انغمست في المشركين فقاتلتهم حتى قتلت أإلى الجنة؟ قال: نعم فانغمس الرجل في صف المشركين فقاتل حتى قتل. وفي الصحيحين عن جابر قال: قال رجل: أين أنا يا رسول الله إن قتلت؟ قال: في الجنة، فألقى ثمرات كن بيده ثم قاتل حتى قتل. وروى ابن إسحاق في المغازي عن عاصم بن عمر بن قتادة قال: لما التقى الناس يوم بدر قال عوف بن الحرث: يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده؟ قال : أن يراه غمس يده في القتال يقاتل حاسرا فنزع درعه ثم تقدم فقاتل حتى قتل.
قوله: جاهدوا المشركين إلخ، فيه دليل على وجوب المجاهدة للكفار بالأموال والأيدي