والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت؟ فقال: لا ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا والله لا تأتيكم من يمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متفق عليه.
قوله سلما بفتح السين المهملة واللام عن بعضهم وعن الأكثرين بسكون اللام يعني مع كسر السين والأول أصوب، والسلم الأسير لأنه أسلم، والسلم الصلح كذا في المشارق. قوله: لو كان المطعم الخ، إنما قال صلى الله عليه وآله وسلم كذلك ، لأنها كانت للمطعم عنده يد، وهي أنه دخل صلى الله عليه وآله وسلم في جواره لما رجع من الطائف فأراد أن يكافأه بها، والمطعم المذكور هو والد جبير الراوي لهذا الحديث، والنتنى جمع نتن بالنون والتاء المثناة من فوق، المراد بهم أسارى بدر، وصفهم بالنتن لما هم عليه من الشرك كما وصفوا بالنجس. قوله: لتركتهم له يعني بغير فداء، وبين السبب في ذلك ابن شاهين بنحو ما قدمنا. وقد ذكر ابن إسحاق القصة في ذلك مبسوطة، وكذلك الفاكهي بإسناد حسن مرسل وفيه: أن المطعم أمر أولاده الأربعة فلبسوا السلاح وقام كل واحد منهم عند ركن من الكعبة، فبلغ ذلك قريشا فقالوا له: أنت الرجل لا تخفر ذمتك، وقيل: إن اليد التي كانت له أنه كان من أشد من سعى في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش في قطيعة بني هاشم ومن معهم من المسلمين حين حصروهم في الشعب. قوله:
بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيلا الخ، زعم سيف في كتاب الردة له أن الذي أخذ ثمامة وأسره هو العباس بن عبد المطلب، قال في الفتح، وفيه نظر، لأن العباس إنما قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في زمان فتح مكة، وقصة ثمامة تقتضي أنها كانت قبل ذلك بحيث اعتمر ثمامة ثم رجع إلى بلاده، ثم منعهم أن يميروا أهل مكة، ثم شكا أهل مكة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك، ثم بعث يشفع فيهم عند ثمامة. قوله: من بني حنيفة هو ابن لجيم بجيم ابن صهيب بن علي بن بكر بن وائل، وهي قبيلة كبيرة مشهورة ينزلون اليمامة بين مكة واليمن. قوله: ثمامة بضم المثلثة، وأثال بضم الهمزة وبمثلثة خفيفة وهو ابن النعمان