فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والايمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال: يا رسول الله أرأيت إن قتلت فسبيل الله تكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كيف قلت؟ قال:
أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين، فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي وصححه. ولأحمد والنسائي من حديث أبي هريرة مثله. وعن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: يغفر الله للشهيد كل ذنب إلا الدين، فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك رواه أحمد ومسلم. وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: القتل في سبيل الله يكفر كل خطيئة، فقال جبريل: إلا الدين، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إلا الدين رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.
حديث أبي هريرة رجال إسناده في سنن النسائي ثقات، وقد أشار إليه الترمذي فقال بعد إخراجه لحديث أبي قتادة: وفي الباب عن أنس ومحمد بن جحش وأبي هريرة اه. قوله: أفضل الأعمال فيه دليل على أن الجهاد في سبيل الله والايمان بالله أفضل من غيرهما من أعمال الخير، وهو يعارض في الظاهر ما تقدم في الباب الأول ويتوجه الجمع بما سلف. قوله: نعم فيه دليل على أن الجهاد بشرط أن يكون في سبيل الله مع الاحتساب وعدم الانهزام من مكفرات جميع الذنوب والخطايا، فيكون الشهيد بالشهادة مستحقا للمغفرة العامة إلا ما كان من الديون اللازمة للآدميين فإنها لا تغفر للشهيد ولا تسقط عنه بمجرد الشهادة، وذلك لكونه حقا لآدمي، وسقوطه إنما يكون برضاه واختياره، ولهذا امتنع صلى الله عليه وآله وسلم من الصلاة على من عليه دين كما تقدم في الضمانة، ويلحق بالدين ما كان حقا لآدمي من دم أو عرض بجامع أن كل واحد حق لآدمي يتوقف سقوطه على إسقاطه. قوله: فإن جبريل قال لي ذلك لعل الجواب منه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله نعم من غير استثناء كان بالاجتهاد، ثم لما أخبره جبريل بما أخبر استعاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من السائل سؤاله ثم أخبره بأن استثناء