الله عليه وسلم في يده فدفنه أبو جندل مكانه وجعل عند قبره مسجدا. وفي الحديث دليل على أن من فعل مثل فعل أبي بصير لم يكن عليه قود ولا دية. وقد وقع عند ابن إسحاق أن سهيل بن عمرو لما بلغه قتل العامري طالب بديته، لأنه من رهطه، فقال له أبو سفيان: ليس على محمد مطالبة بذلك، لأنه وفى بما عليه وأسلمه لرسولكم ولم يقتله بأمره، ولا على آل أبي بصير أيضا شئ، لأنه ليس على دينهم. قوله: فأنزل الله تعالى : * (وهو الذي كف أيديهم عنكم) * (الفتح: 24) ظاهره أنها نزلت في شأن أبي بصير، والمشهور في سبب نزولها ما أخرجه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع، ومن حديث أنس بن مالك، وأخرجه أحمد والنسائي من حديث عبد الله بن مغفل بإسناد صحيح أنها نزلت بسبب القوم الذين أرادوا من قريش أن يأخذوا من المسلمين غرة فظفروا بهم وعفا عنهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت الآية كما تقدم. وقيل في نزولها غير ذلك. قوله: على وضع الحرب عشر سنين هذا هو المعتمد عليه كما ذكره ابن إسحاق في المغازي وجزم به ابن سعد، وأخرجه الحاكم من حديث علي، ووقع في مغازي ابن عائذ في حديث ابن عباس وغيره أنه كان سنتين، وكذا وقع عند موسى بن عقبة، ويجمع بأن العشر السنين هي المدة التي وقع الصلح عليها، والسنتين هي المدة التي انتهى أمر الصلح فيها حتى وقع نقضه على يد قريش. وأما ما وقع في كامل ابن عدي ومستدرك الحاكم في الأوسط للطبراني من حديث ابن عمر أن مدة الصلح كانت أربع سنين فهو مع ضعف إسناده منكر مخالف للصحيح. وقد اختلف العلماء في المدة التي تجوز المهادنة فيها مع المشركين فقيل: لا تجاوز عشر سنين على ما في هذا الحديث وهو قول الجمهور، وقيل: تجوز الزيادة، وقيل: لا تجاوز أربع سنين، وقيل: ثلاثا، وقيل: سنتين، والأول هو الراجح. قوله: عيبة مكفوفة أي أمرا مطويا في صدور سليمة، وهو إشارة إلى ترك المؤاخذة بما تقدم بينهم من أسباب الحرب وغيرها والمحافظة على العهد الذي وقع بينهم. قوله: وأنه لا إغلال ولا إسلال أي لا سرقة ولا خيانة، يقال: أغل الرجل أي خان، أما في الغنيمة فيقال: غل بغير ألف، والاسلال من السلة وهي السرقة، وقيل: من سل السيوف، والاغلال من لبس الدروع ووهاه أبو عبيد، والمراد أن يأمن الناس بعضهم من بعض في نفوسهم وأموالهم سرا وجهرا. قوله: وامتعضوا منه بعين مهملة وضاد معجمة أي أنفوا وشق عليهم. قال
(٢٠٤)