خالفه، فأسرى على كتابهم وعلى ما في قلوبهم منه فلم يبق عندهم منه شئ. وروى عبد بن حميد في تفسير سورة البروج بإسناد صحيح عن ابن أبزى: لما هزم المسلمون أهل فارس قال عمر: اجتمعوا فقال إن المجوس ليسوا أهل كتاب فنضع عليهم ولا من عبدة الأوثان فنجري عليها أحكامهم، فقال علي: بل هم أهل كتاب، فذكر نحوه لكن قال: وقع على ابنته، وقال في آخره: فوضع الأخدود لمن خالفه، فهذا حجة من قال كان لهم كتاب. وأما قول ابن بطال: لو كان لهم كتاب ورفع لرفع حكمه. ولما استثنى حل ذبائحهم ونكاح نسائهم، فالجواب أن الاستثناء وقع تبعا للأثر الوارد، لأن في ذلك شبهة تقتضي حقن الدم، بخلاف النكاح فإنه مما يحتاط له. وقال ابن المنذر: ليس تحريم نكاحهم وذبائحهم متفقا عليه، ولكن الأكثر من أهل العلم عليه، وحديث ابن عباس أخرجه النسائي أيضا وصححه الترمذي والحاكم. قوله:
حتى تعبدوا الله وحده الخ، فيه الاخبار من المغيرة بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بقتال المجوس حتى يؤدوا الجزية. زاد الطبراني: وإنا والله لا نرجع إلى ذلك الشقاء حتى نغلبكم على ما في أيديكم. قوله: وتؤدي إليهم بها العجم الجزية فيه متمسك لمن قال: لا تؤخذ الجزية من الكتابي إذا كان عربيا، قال في الفتح: فأما اليهود والنصارى فهم المراد بأهل الكتاب بالاتفاق، وفرق الحنفية فقالوا: تؤخذ من مجوس العجم دون مجوس العرب. وحكى الطحاوي عنهم أنها تقبل الجزية من أهل الكتاب ومن جميع كفار العجم، ولا يقبل من مشركي العرب إلا الاسلام أو السيف. وعن مالك: تقبل من جميع الكفار إلا من ارتد، وبه قال الأوزاعي وفقهاء الشام. وحكى ابن القاسم عن مالك أنها لا تقبل من قريش. وحكى ابن عبد البر الاتفاق على قبولها من المجوس، لكن حكى ابن التين عن عبد الملك أنها لا تقبل إلا من اليهود والنصارى فقط.
ونقل أيضا الاتفاق على أنه لا يحل نكاح نسائهم ولا أكل ذبحائهم، وحكى غيره عن أبي ثور حل ذلك. قال ابن قدامة: وهذا خلاف إجماع من تقدمه. قال الحافظ:
وفيه نظر، فقد حكى ابن عبد البر عن سعيد بن المسيب أنه لم يكن يرى بذبيحة المجوسي بأسا إذا أمره المسلم بذبحها. وروى ابن أبي شيبة عنه وعن عطاء وطاوس وعمرو بن دينار أنهم لم يكونوا يرون بأسا بالتسري بالمجوسية. وقال الشافعي: تقبل من أهل الكتاب عربا كانوا أو عجما ويلتحق بهم المجوس في ذلك. قال أبو عبيد: