فيه حذف تقديره: والله لا أرجع إلى دينكم ولا أرفق بكم فأترك الميرة تأتيكم من اليمامة قوله: حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زاد ابن هشام: ثم خرج إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئا، فكتبوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنك تأمر بصلة الرحم، فكتب إلى ثمامة أن يخلي فيما بينهم وبين الحمل إليهم. وفي هذه القصة من الفوائد ربط الكافر في المسجد، والمن على الأسير الكافر، وتعظيم أمر العفو عن المسئ، لأن ثمامة أقسم أن بغضة القلب انقلبت حبا في ساعة واحدة لما أسداه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليه من العفو والمن بغير مقابل، وفيه الاغتسال عند الاسلام، وأن الاحسان يزيل البغض ويثبت الحب، وأن الكافر إذا أراد عمل خير ثم أسلم شرع له أن يستمر في عمل ذلك الخير، وفيه الملاطفة لمن يرجى إسلامه من الأسارى إن كان في ذلك مصلحة للاسلام، ولا سيما من يتبعه على إسلامه العدد الكثير من قومه، وفيه بعث السرايا إلى بلاد الكفار، وأسر من وجد منهم، والتخيير بعد ذلك في قتله والابقاء عليه.
وعن ابن عباس قال: لما أسروا الأسارى يعني يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر وعمر: ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله هم بنو العم والعشيرة أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار وعسى الله أن يهديهم للاسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما ترى يا ابن الخطاب؟
فقال: لا والله ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان نسيبا لعمر فأضرب عنقه، ومكن فلانا من فلان قرابته، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما قاله أبو بكر ولم يهو ما قلت فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان قلت: يا رسول الله أخبرني من أي شئ تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أبكي للذي عرض على أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة شجرة قريبة منه، وأنزل الله عز وجل: * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض، إلى قوله: فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا) * (الأنفال: 69) فأحل الله الغنيمة لهم رواه أحمد ومسلم