مزيد بسط. قوله: ذمة الله الذمة عقد الصلح والمهادنة، وإنما نهى عن ذلك لئلا ينقض الذمة من لا يعرف حقها، وينتهك حرمتها بعض من لا تمييز له من الجيش فيكون ذلك أشد، لأن نقض ذمة الله ورسوله أشد من نقض ذمة أمير الجيش أو ذمة جميع الجيش وإن كان نقض الكل محرما. قوله: أن تخفروا بضم التاء الفوقية وبعدها خاء معجمة ثم فاء مكسورة وراء، يقال: أخفرت الرجل إذا نقضت عهده، وخفرته بمعنى أمنته وحميته. قوله: فلا تنزلهم على حكم الله الخ، هذا النهي محمول على التنزيه والاحتياط، وكذلك الذي قبله والوجه ما سلف، ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم: فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا؟. وفيه دليل لمن قال: إن الحق مع واحد، وأن ليس كل مجتهد مصيبا، والخلاف في المسألة مشهور مبسوط في مواضعه، والحق أن كل مجتهد مصيب من الصواب لا من الإصابة. وقد قيل: إن هذا الحديث لا ينتهض للاستدلال به على أن ليس كل مجتهد مصيبا، لأن ذلك كان في زمن النبي، والأحكام الشرعية إذ ذاك لا تزال تنزل وينسخ بعضها بعضا ويخصص بعضها ببعض، فلا يؤمن أن ينزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حكم خلاف الحكم الذي قد عرفه الناس.
وعن فروة بن مسيك قال: قلت: يا رسول الله أقاتل بمقبل قومي مدبرهم؟
قال: نعم، فلما وليت دعاني فقال: لا تقاتلهم حتى تدعوهم إلى الاسلام رواه أحمد.
وعن ابن عوف قال: كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال فكتب إلي إنما كان ذلك في أول الاسلام، وقد أغار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بني المصطلق وهم غارون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم، وأصاب يومئذ جويرية ابنة الحرث، حدثني به عبد الله بن عمر وكان في ذلك الجيش متفق عليه. وهو دليل على استرقاق العرب. وعن سهل بن سعد أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم خيبر فقال: أين علي؟ فقيل: إنه يشتكي عينيه، فأمر فدعا له فبصق في عينيه فبرأ مكانه حتى كأن لم يكن به شئ فقال: نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم أدعهم إلى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهتدي بك رجل واحد خير لك من حمر النعم متفق عليه.
وعن البراء بن عازب قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رهطا من