من الكفار وإن تكلموا بكلمة الكفر في حضرة الامام أو سائر المسلمين. (والحديث) الثالث فيه دليل على أنه يجب الوفاء بالعهد للكفار كما يجب للمسلمين، لأن الرسالة تقتضي جوابا يصل على يد الرسول فكان ذلك بمنزلة عقد العهد.
باب ما يجوز من الشروط مع الكفار ومدة المهادنة وغير ذلك عن حذيفة بن اليمان قال: ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي الحسيل قال: فأخذنا كفار قريش فقالوا: إنكم تريدون محمدا، فقلنا:
ما نريده وما نريد إلا المدينة، قال: فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننطلق إلى المدينة ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرناه الخبر فقال: انصرفا نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم رواه أحمد ومسلم. وتمسك به من رأى يمين المكره منعقدة. وعن أنس: أن قريشا صالحوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاشترطوا عليه أن من جاء منكم لا نرده عليكم، ومن جاء رددتموه علينا، فقالوا: يا رسول الله أنكتب هذا؟ قال: نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله، ومن جاء منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا رواه أحمد ومسلم.
قوله: وأبي الحسيل بضم الحاء المهملة وفتح السين المهملة أيضا وسكون الياء بلفظ التصغير وهو والد حذيفة، فيكون لفظ الحسيل عطف بيان. قوله: فاشترطوا عليه أن من جاء منكم الخ، في لفظ البخاري الآتي بعد هذا: أن سهيلا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: وعلى أن لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا. قوله: فقالوا: يا رسول الله الخ، سمى الواقدي جماعة ممن قال ذلك منهم أسيد بن حضير وسعد بن عبادة. وذكر البخاري في المغازي أن سهل بن حنيف كان ممن أنكر ذلك أيضا. وقال الحافظ في الفتح: وقائل ذلك يشبه أن يكون هو عمر. ولابن عائذ من حديث ابن عباس نحوه، وسيأتي بعد هذا الحديث بسط قصة الصلح، وقد أطال ابن إسحاق في القصة وزاد على ما عند غيره، وقد استدل المصنف بالحديثين المذكورين على جواز مصالحة الكفار على ما وقع فيهما، وسيأتي بسط الكلام في ذلك.