فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول ، فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله قد أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر قال: وتفلت منهم أبو جندل بن سهل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخر من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم فمن أتاه منهم فهو آمن، فأرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليهم وأنزل الله عز وجل: * (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم حتى بلغ حمية الجاهلية) * (الفتح: 24 26) وكان حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينه وبين البيت رواه أحمد والبخاري. ورواه أحمد بلفظ آخر وفيه: وكانت خزاعة عيبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشركها ومسلمها. وفيه: هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس. وفيه: وإن بيننا عيبة مكفوفة، وإنه لا إغلال ولا إسلال. وكان في شرطهم حين كتبوا الكتاب أنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، فتواثبت خزاعة فقالوا: نحفي عقد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم. وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا أبا جندل اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا. وفيه: فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في الحرم وهو مضطرب في الحل. وعن مروان والمسور قالا: لما كاتب سهيل بن عمرو يومئذ كان فيما اشترط على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا يأتيك أحد منا وإن كان على دينك إلا رددته إلينا وخليت بيننا وبينه، فكره المسلمون ذلك وامتعضوا منه، وأبى سهيل إلا ذلك، فكاتبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك، فرد يومئذ أبا جندل إلى أبيه سهيل، ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كان مسلما. وجاء المؤمنات مهاجرات
(١٨٨)