المكفوفة المشرجة، وكنى بذلك عن القلوب ونقائها من الغل والخداع. والإغلال الخيانة. والاسلال من السلة وهي السرقة، وقد جمع هذا الحديث فوائد كثيرة فنشير إلى بعضها إشارة تنبه من يتدبره على بقيتها. فيه أن ذا الحليفة ميقات للعمرة كالحج، وأن تقليد الهدي سنة في نفل النسك وواجبه، وأن الاشعار سنة وليس من المثلة المنهي عنها، وأن أمير الجيش ينبغي له أن يبعث العيون أمامه نحو العدو، وأن الاستعانة بالمشرك الموثوق به في أمر الجهاد جائزة للحاجة، لأن عينه الخزاعي كان كافرا، وكانت خزاعة مع كفرها عيبة نصحه، وفيه استحباب مشورة الجيش إما لاستطابة نفوسهم أو استعلام مصلحة. وفيه جواز سبي ذراري المشركين بانفرادهم قبل التعرض لرجالهم، وفي قول أبي بكر لعروة جواز التصريح باسم العورة لحاجة ومصلحة، وأنه ليس بفحش منهي عنه، وفي قيام المغيرة على رأسه بالسيف استحباب الفخر والخيلاء في الحرب لارهاب العدو، وأنه ليس بداخل في ذمه لمن أحب أن يتمثل له الناس قياما وفيه أن مال المشرك المعاهد لا يملك بغنيمة بل يرد عليه. وفيه بيان طهارة النخامة والماء المستعمل. وفيه استحباب التفاؤل وأن المكروه الطيرة وهي التشاؤم. وفيه أن المشهود عليه إذا عرف باسمه واسم أبيه أغنى عن ذكر الجد. وفيه أن مصالحة العدو ببعض ما فيه ضيم على المسلمين جائزة للحاجة والضرورة دفعا لمحذور أعظم منه. وفيه أن من وعد أو حلف ليفعلن كذا ولم يسم وقتا فإنه على التراخي. وفيه أن الاحلال نسك على المحصر. وأن له نحر هديه بالحل، لأن الموضع الذي نحروا فيه بالحديبية من الحل بدليل قوله تعالى: * (والهدي معكوفا أن يبلغ محله) * (الفتح: 25). وفيه أن مطلق أمره عليه السلام على الفور، وأن الأصل مشاركة أمته له في الاحكام. وفيه أن شرط الرد لا يتناول من خرج مسلما إلى غير بلد الامام. وفيه أن النساء لا يجوز شرط ردهن للآية. وقد اختلف في دخولهن في الصلح فقيل: لم يدخلن فيه لقوله: على أن لا يأتيك منا رجل إلا رددته. وقيل: دخلن فيه لقوله في رواية أخرى: لا يأتيك منا أحد، لكن نسخ ذلك أو بين فساده بالآية، وفيما ذكرناه تنبيه على غيره.
قوله: عن المسور ومروان هذه الرواية بالنسبة إلى مروان مرسلة، لأنه لا صحبة له، وأما المسور فهي بالنسبة إليه أيضا مرسلة، لأنه لم يحضر القصة، وقد ثبت