أولا بأن الحديث أصل مستقل برأسه ولا يقال إنه خالف قياس الأصول. ثانيا بأن النقص إنما يمنع الرد إذا لم يكن لاستعلام العيب وهو هنا لاستعلام العيب، فلا يمنع والثانية من حيث إنه جعل الخيار فيه ثلاثا مع أن خيار العيب وخيار المجلس وخيار الرؤية لا يقدر شئ منها بالثلاث. وأجيب بأن المصراة انفردت بالمدة المذكورة لأنه لا يتبين حكم التصرية في الأغلب إلا بها بخلاف غيرها. والثالثة أنه يلزم ضمان الأعيان مع بقائها حيث كان اللبن موجودا. وأجيب عنه بأنه غير موجود متميز، لأنه مختلط باللبن، الحادث فقد تقذر رده بعينه بسبب الاختلاط، فيكون مثل ضمان العبد الآبق المغصوب. والرابعة من حيث إنه يلزم إثبات الرد بغير عيب، لأنه لو كان نقصان البن عيبا لثبت به الرد من دون تصرية ولا اشتراط لأنه لم يشترط الرد. وأجيب بأنه في حكيم خيار الشرط من حيث المعنى، فان المشترى لما رأى ضرعها مملوءا فكأن البائع شرط له أن ذلك عادة لها، وقد ثبت لهذا نظائر مثل ما تقدم في تلقى الجلوبة. وإذا تقرر عندك ضعف القولين الآخرين علمت أن الحق هو الأول، وعرفت أن الحديث أصل في النهى عن الغش وفى ثبوت الخيار لمن دلس عليه، وفى أن التدليس لا يفسد أصل القعد، وفى تحريم التصرية للمبيع وثبوت الخيار بها. وقد أخرج أحمد وابن ماجة من حديث ابن مسعود مرفوعا بيع المحفلان خلابة ولا تحل الخلابة لسلم، وفى إسناده ضعف، ورواه ابن أبي شيبة موقوفا بسند صحيح، والمحفلات جمع محفلة الحاء المهملة والفاء التي تجمع لبنها في ضروعها، والخلابة بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام بعدها موحدة الخداع.
35 - (وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: من اشترى شاة محفلة فردها فليرد معها صاعا رواه البخاري، وزاد الإسماعيلي: من تمر) لم يرفعه المصنف بل وقفه على ابن مسعود، لان البخاري لم يرفعه، وقد تقدم الكلام على معناه مستوفى.
36 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة) الصبرة بضم الصاد المهملة وسكون الموحدة، الكوفة المجموعة من الطعام (من طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعة بللا فنالت أصابت بللا فقال: ما هذا يا صاحب الطعام، قال أصابته السماء يا رسول الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس منى رواه مسلم) قال النووي: كذا في الأصول منى بياء المتكلم وهو صحيح، ومعناه:
ليس ممن اهتدى بهدى واقتدى بعلمي وعملي وحسن طريقي. وقال سفيان بن عيينة: يكره تفسير مثل هنا ونقول: نمسك عن تأويله ليكون أوقع في النفوس وأبلغ في الزجر.
والحديث دليل على تحريم الغش وهو مجمع على تحريمة شرعا مذموم فاعله عقلا 37 - (وعن عبد السلام بن بريدة) هو أبو سهل عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي قاضي مرو تابعي ثقة، سمع أباه وغيره (عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حبس العنب أيام القطاف) الأيام يقطف فيها (حتى