عدم ذلك. وحديث جابر المقيد بالشرط لا يحتمل التأويل المذكور أولا، لأنه إذا كان المراد بالجار الشريك ففائدة لاشتراط كون الطريق واحدا. قلت: ولا يخفى أنه قد آل الكلام إلى الخليط لأنه مع اتحاد الطريق تكون الشفعة للخلطة فيها وهذا هو الذي قررناه في منحة الغفار حاشية ضوء النهار. قال ابن القيم: وهو أعدل الأقوال وهو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية. وحديث جابر هذا صريح فيه فإنه أثبت الشفعة بالجوار مع اتحاد الطريق ونفاها به في حديثه الآخر مع اختلافها حيث قال: فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. فمفهوم حديث جابر هذا هو بعينه منطوق حديثه المتقدم فأحدهما يصدق الآخر ويوافقه لا يعارضه ولا يناقضه وجابر روى اللفظين فتوافقت السنن وائتلفت بحمد الله انتهى بمعناه. وقوله: ينتظر بها دال على أنها لا تبطل شفعة الغائب وإن تراخى وأنه لا يجب عليه السير حين يبلغه الشراء لأجلها، وأما الحديث الآتي وهو قوله:
5 - (وعن ابن عمر رضي الله عنه: الشفعة كحل عقال. رواه ابن ماجة والبزار، وزاد: ولا شفعة لغائب وإسناده ضعيف). فإنه لا تقوم به حجة لما ستعرفه ولفظه من روايتهما: لا شفعة لغائب ولا لصغير والشفعة كحل عقال وضعفه البزار وقال ابن حبان لا أصل له وقال أبو زرعة منكر وقال البيهقي ليس بثابت. وفي معناه أحاديث كلها لا أصل لها. اختلف الفقهاء في ذلك فعند الهادوية والشافعية والحنابلة أنها على الفور ولهم تقادير في زمان الفور لا دليل على شئ منها. ولا شك أنه إذا كان وجه شرعيتها دفع لضرر فإنه يناسب الفورية يقال كيف يبالغ في دفع ضرر الشفيع ويبالغ في ضرر المشتري ببقاء مشتراه معلقا. إلا أنه لا يكفي هذا القدر في إثبات حكم والأصل عدم اشتراط الفورية وإثباتها يحتاج إلى دليل ولا دليل. وقد عقد البيهقي بابا في السنن الكبرى لألفاظ منكرة يذكرها بعض الفقهاء وعد منها الشفعة كحل عقال ولا شفعة لصبي ولا لغائب، والشفعة لا ترث ولا تورث، والصبي على شفعته حتى يدرك ولا شفعة لنصراني وليس لليهودي ولا للنصراني شفعة، فعد منها حديث الكتاب.
باب القراض القراض بكسر القاف وهو معاملة العامل بنصيب من الربح. وهذه تسميته في لغة أهل الحجاز. وتسمى مضاربة مأخوذة من الضرب في الأرض لما كان الربح يحصل في الغالب بالسفر أو من الضرب في المال وهو التصرف.
1 - (عن صهيب رضي الله عنه أن النبي (ص) قال: ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، والمقارضة، وخلط البر بالشعير للبيت لا للبيع رواه ابن ماجة بإسناد ضعيف). وإنما كانت البركة في ثلاث لما في البيع إلى أجل من المسامحة