وقيل يوم الفتح وقتل مع ابن الزبير (أن النبي (ص) نهى عن لقطة الحاج.
رواه مسلم). أي عن التقاط الرجل ما ضاع للحاج والمراد ما ضاع في مكة لما تقدم من حديث أبي هريرة أنها لا تحل لقطتها إلا لمنشد وتقدم أنه حمله الجمهور على أنه نهي عن التقاطها للتملك لا للتعريف بها فإنه يحل. قالوا: وإنما اختصت لقطة الحاج بذلك لامكان إيصالها إلى أربابها لأنها إن كانت لمكي فظاهر وإن كانت لآفاقي فلا يخلو أفق في الغالب من رواد منه إليها فإذا عرفها واجدها في كل عام سهل التوصل إلى معرفة صاحبها، قاله ابن بطال. وقال جماعة: هي كغيرها من البلاد وإنما تختص مكة بالمبالغة في التعريف لان الحاج يرجع إلى بلده وقد لا يعود فاحتاج الملتقط إلى المبالغة في التعريف بها. والظاهر القول الأول وأن حديث النهي هذا مقيد بحديث أبي هريرة بأنه لا يحل التقاطها إلا لمنشد فالذي اختصت به لقطة مكة بأنها لا تلتقط إلا للتعريف بها أبدا فلا تجوز للتملك ويحتمل أن هذا الحديث في لقطة الحاج مطلقا في مكة وغيرها لأنه هنا مطلق ولا دليل على تقييده بكونها في مكة.
6 - (وعن المقدام بن معد يكرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا لا يحل ذو ناب من السباع ولا الحمار الأهلي ولا اللقطة من مال معاهد إلا أن يستغني عنها. رواه أبو داود). يأتي الكلام على تحريم ما ذكر في باب الأطعمة وذكر الحديث هنا لقوله: ولا اللقطة من مال معاهد فدل على أن اللقطة من ماله كاللقطة من مال المسلم وهذا محمول على التقاطها من محل غالب أهله أو كلهم ذميون وإلا فاللقطة لا تعرف من مال أي انسان عند التقاطها. وقوله: إلا أن يستغني عنها مؤول بالحقير كما سلف في التمرة ونحوها، أو بعدم معرفة صاحبها بعد التعريف بها كما سلف أيضا. وعبر عنه بالاستغناء لأنه سبب عدم المعرفة في الأغلب فإنه لو لم يستغن عنها لبالغ في طلبها أو نحو ذلك.
(فائدة) قال النووي في شرح المهذب: اختلف العلماء فيمن مر ببستان أو زرع أو ماشية فقال الجمهور: لا يأخذ منه شيئا إلا في حال الضرورة فيأخذ ويغرم عند الشافعي والجمهور. وقال بعض السلف: لا يلزمه شئ. وقال أحمد: إذا لم يكن للبستان حائط جاز له الأكل من الفاكهة الرطبة في أصح الروايتين ولو لم يحتج إلى ذلك، وفي الأخرى إذا احتاج ولا ضمان عليه في الحالين. وعلق الشافعي القول بذلك على صحة الحديث. قال البيهقي: يعني حديث ابن عمر مرفوعا: إذا مر أحدكم بحائط فليأكل ولا يتخذ خبنة " أخرجه الترمذي واستغربه. قال البيهقي: لم يصح وجاء من أوجه أخر غير قوية. قال المصنف: والحق أن مجموعها لا يقصر عن درجة الصحيح وقد احتجوا في كثير من الاحكام بما هو دونها وقد بينت ذلك في وفي المسألة خلاف كتابي المنحة فيما علق الشافعي القول به على الصحة " اه وأقاويل كثيرة قد نقلها الشارع عن المذهب ولم يتلخص البحث لتعارض