خيار المجلس للمتبايعين وأنه يمتد إلى أن يحصل التفرق بالأبدان. وقد اختلف العلماء في ثبوته على قولين: الأول: ثبوته وهو لجماعة من الصحابة منهم علي عليه السلام وابن عباس وابن عمر وغيرهم، وإليه ذهب أكثر التابعين والشافعي وأحمد وإسحاق والامام يحيى قالوا:
والتفرق الذي يبطل له الخيار ما يسمى عادة تفرقا ففي المنزل الصغير بخروج أحدهما، وفي الكبير بالتحول من مجلسه إلى آخر بخطوتين أو ثلاث ودل على أن هذا تفرق فعل ابن عمر المعروف. فإن قاما معا أو ذهبا معا فالخيار باق وهذا المذهب دليله هذا الحديث المتفق عليه. القول الثاني: للهادوية والحنفية ومالك والامامية: أنه لا يثبت خيار المجلس بل متى تفرق المتبايعان بالقول فلا خيار إلا ما شرط مستدلين: بقوله تعالى:
* (وتجارة عن تراض) * وبقوله: * (وأشهدوا إذا تبايعتم) *. قالوا: والاشهاد إن وقع بعد التفرق لم يطابق الامر وإن وقع قبله لم يصادف محله وحديث: إذا اختلف البيعان فالقول قول البائع ولم يفصل. وأجيب بأن الآية مطلقة قيدت بالحديث . وكخيار الشرط. وكذلك الحديث وآية الاشهاد يراد بهما عند العقد ولا ينافيه ثبوت خيار المجلس كما لا ينافيه سائر الخيارات.
قالوا: والحديث منسوخ بحديث: المسلمون على شروطهم والخيار بعد لزوم العقد يفيد الشرط. ورد بأن الأصل عدم النسخ ولا يثبت بالاحتمال. قالوا: ولأنه من رواية مالك ولم يعمل به. وأجيب بأن مخالفة الراوي لا توجب عدم العمل بروايته لان عمله مبني على اجتهاده وقد يظهر له ما هو أرجح عنده مما رواه وإن لم يكن أرجح في نفس الامر.
قالوا: وحديث الباب يحمل على المتساومين فإن استعمال البائع في المساوم شائع. وأجيب عنه بأنه إطلاق مجازي والأصل الحقيقة. وعورض بأنه يلزم أيضا حمله على المجازي على القول الأول فإنه على تقدير القول بأن المراد التفرق بالأبدان هو بعد تمام الصيغة وقد مضى فهو مجاز في الماضي. وردت هذه المعارضة بأنا لا نسلم أنه مجاز في الماضي بل هو حقيقة فيه كما ذهب إليه الجمهور بخلاف المستقبل فمجاز اتفاقا. قالوا: المراد التفرق بالأقوال. والمراد بالتفرق فيما هو ما بين قول البائع بعتك بكذا أو قول المشتري اشتريت.
قالوا فالمشتري بالخيار في قوله اشتريت أو تركه والبائع بالخيار إلى أن يوجب المشتري.
ولا يخفى ركاكة هذا القول وبطلانه فإنه إلغاء للحديث عن الفائدة إذ من المعلوم يقينا أن كلا من البائع والمشتري في هذه الصورة على الخيار إذ لا عقد بينهما فالاخبار به لاغ عن الإفادة ويرده لفظ الحديث كما لا يخفى. فالحق هو القول الأول وأما معارضة حديث الباب بالحديث الآتي، وهو قوله:
2 - (وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهما أن النبي (ص) قال: