9 - (وعن سعيد بن المسيب رضي الله عنه في الرجل لا يجد ما ينفق على أهله قال:
يفرق بينهما أخرجه سعيد بن منصور عن سفيان عن أبي الزناد عنه قال:
قلت لسعيد: سنة؟ فقال: سنة. وهذا مرسل قوي). ومراسيل سعيد معمول بها لما عرف من أنه لا يرسل إلا عن ثقة. قال الشافعي: والذي يشبه أن يكون قول سعيد سنة، سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما قول ابن حزم: لعله أراد سنة عمر فإنه خلاف الظاهر وكيف يقول له السائل: سنة ويريد سؤاله عن سنة عمر؟ هذا مما لا ينبغي حمل الكلام عليه وهل سأل السائل إلا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإنما قال جماعة إنه إذا قال الراوي: من السنة كذا فإنه يحتمل أن يريد سنة الخلفاء، وأما بعد سؤال الراوي فلا يريد السائل إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجيب المجيب إلا عنها لا عن سنة غيره لأنه إنما سأل عما هو حجة وهو سنته (ص). وقد أخرج الدارقطني والبيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: قال رسول الله (ص): في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته، قال: يفرق بينهما. وأما دعوى المصنف إنه وهم الدارقطني فيه وتبعه البيهقي على الوهم فهو غير صحيح وقد حققناه في حواشي ضوء النهار. وسيأتي كتاب عمر إلى أمراء الأجناد في أنهم يأخذون على من عندهم من الأجناد أن ينفقوا أو يطلقوا. وقد اختلف العلماء في هذا الحكم وهو فسخ الزوجية عند إعسار الزوج على أقوال: الأول: ثبوت الفسخ وهو مذهب علي وعمر وأبي هريرة وجماعة من التابعين ومن الفقهاء مالك والشافعي وأحمد، وبه قال أهل الظاهر مستدلين بما ذكر وبحديث لا ضرر ولا ضرار تقدم تخريجه.
وبأن النفقة في مقابل الاستمتاع بدليل أن الناشز لا نفقة لها عند الجمهور فإذا لم تجب النفقة سقط الاستمتاع فوجب الخيار للزوجة وبأنهم قد أوجبوا على السيد بيع مملوكه إذا عجز عن إنفاقه فإيجاب فراق الزوجة أولى لان كسبها ليس مستحقا للزوج كاستحقاق السيد لكسب عبده. وبأنه قد نقل ابن المنذر إجماع العلماء على الفسخ بالعنة، والضرر الواقع من العجز عن النفقة أعظم من الضرر الواقع بكون الزوج عنينا وبأنه تعالى قال: * (ولا تضاروهن) * وقال: * (وإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) * وأي إمساك بمعروف وأي ضرر أشد من تركها بغير نفقة. والثاني: ما ذهب إليه الهادوية والحنفية وهو قول للشافعي أنه لا فسخ بالاعسار عن النفقة مستدلين بقوله تعالى: * (ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما اتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما اتاها) *. قالوا: وإذا لم يكلفه الله النفقة في هذه الحال فقد ترك ما لا يجب عليه ولا يأثم بتركه فلا يكون سببا للتفريق بينه وبين سكنه وبأنه قد ثبت في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم لما طلب أزواجه منه النفقة قام أبو بكر وعمر إلى عائشة وحفصة فوجا أعناقهما وكلاهما يقول: تسألن رسول الله (ص) ما ليس عنده؟ الحديث. قالوا: فهذا أبو بكر وعمر يضربان بنتيهما بحضرته صلى الله عليه وسلم لما سألتاه النفقة التي لا يجدها. فلو كان الفسخ لهما وهما طالبتان للحق لم يقر النبي (ص) الشيخين على ما فعلا. ولبين